نهاية العالم

الطريــق المحتم الي الآخـرة من خلال هـلاك البشرية المحتوم كما توعد الله الجبار| The inevitable path to the afterlife through the inevitable destruction of humanity, as promised by God Almighty

ب مم وبيسي

مم /ثالثة 3 ثانوي مدونة محدودة /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني /التجويد /من كتب التراث الروائع /فيزياء ثاني2 ثانوي.ت2. /كتاب الرحيق المختوم /مدونة تعليمية محدودة رائعة /صفائي /الكشكول الابيض/ثاني ثانوي لغة عربية ترم اول يليه ترم ثاني ومعه 3ث /الحاسب الآلي)2ث /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مدونة السنن الكبري للنسائي والنهاية لابن كثير /نهاية العالم /بيت المعرفة العامة /رياضيات بحتة وتطبيقية2 ثانوي ترم ثاني /احياء ثاني ثانوي ترم أول /عبدالواحد2ث.ت1و... /مدونة سورة التوبة /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /المكتبة التعليمية 3 ثانوي /كشكول /نهاية البداية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /الديوان الشامل لأحكام الطلاق /الاستقامة اا. /المدونة التعليمية المساعدة /اللهم أبي وأمي ومن مات من أهلي /الطلاق المختلف عليه /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي /الهندسة بأفرعها /لغة انجليزية2ث.ت1. /مناهج غابت عن الأنظار. /ترم ثاني الثاني الثانوي علمي ورياضة وادبي /المنهج في الطلاق /عبد الواحد2ث- ت1. /حورية /المصحف ورد ج /روابط المواقع التعليمية ثانوي غام /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ /فيزياء 2 ثاني ثانوي.ت1. /سنن النكاح والزواج /النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /مدونة المدونات /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /السيرة النبوية /اعجاز الخالق /فيمن خلق /ترجمة المقالات /الحائرون الملتاعون هلموا /النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق. /أصول الفقه الاسلامي وضوابطه /الأم)منهج ثاني ثانوي علمي رياضة وعلوم /وصف الجنة والحور العين اللهم أدخلنا الجنة ومتاعها /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /روابط مواقع تعليمية بالمذكرات /دين الله الحق /مدونة الإختصارات / /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /علم المناعة والحساسية /طرزان /مدونة المدونات /الأمراض الخطرة والوقاية منها /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /تفوق وانطلق للعلا /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الاستقامة أول /تكوير الشمس /كيمياء2 ثاني ثانوي ت1. /مدونة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مكتبة روابط ثاني ثانوي.ت1. /ثاني ثانوي لغة عربية /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /اللغة الفرنسية 2ثانوي /مدونة مصنفات الموسوعة الشاملة فهرسة /التاريخ 2ث /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /كتاب الزكاة /بستان العارفين /كتب 2 ثاني ثانوي ترم1و2 . /ترم اول وثاني الماني2ث  ///بيسو /مدونات أمي رضي الله عنكي /نهاية العالم /مدونة تحريز نصوص الشريعة الإسلامية ومنع اللعب باالتأويل والمجاز فيها /ابن حزم الأندلسي /تعليمية /أشراط الساعة /أولا/ الفقه الخالص /التعقيبات /المدونة الطبية /خلاصة الفقه /معايير الآخرة ويوم الحساب /بر الوالين /السوالب وتداعياتها

السبت، 26 ديسمبر 2020

نهاية العالم محتومة والرد الي مالك يوم الدين مؤكدة



لقد بحثت عن يوم القيامة. 1. سورة هود - الآيات: 98 ــ 108
".. يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد ا .."
".. رد المورود (98) وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود (99) ذلك .."
2. سورة طه - الآيات: 99 ــ 113
".. لدنا ذكرا (99) من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا (100) خالدين فيه وساء .."
".. قيامة وزرا (100) خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا (101) يوم ينفخ في الص .."
3. سورة القصص - الآيات: 36 ــ 43
".. (40) وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون (41) وأتبعناهم ف .."
".. ن (41) وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين (42) ولقد .."
4. سورة القصص - الآيات: 71 ــ 77
".. تم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضي .."
".. م إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بلي .."
5. سورة الزمر - الآيات: 22 ــ 31
".. هاد (23) أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنت .."
".. 29) إنك ميت وإنهم ميتون (30) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (31)461 .."
6. سورة الزمر - الآيات: 57 ــ 67
".. بها واستكبرت وكنت من الكافرين (59) ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله و .."
".. دروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سب .."
7. سورة المدثر - الآيات: 48 ــ 56، سورة القيامة - الآيات: 1 ــ 19
".. أهل التقوى وأهل المغفرة (56)لا أقسم بيوم القيامة (1) ولا أقسم بالنفس اللوام .."
".. يد الأنسان ليفجر أمامه (5) يسأل أيان يوم القيامة (6) فإذا برق البصر (7) وخس .."
8. سورة البقرة - الآيات: 84 ــ 88
".. ل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما ا .."
9. سورة البقرة - الآيات: 113 ــ 119
".. لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون .."
10. سورة البقرة - الآيات: 170 ــ 176
".. في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم .."
11. سورة البقرة - الآيات: 211 ــ 215
".. ون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حس .."
12. سورة آل عمران - الآيات: 53 ــ 61
".. اعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم .."
13. سورة آل عمران - الآيات: 71 ــ 77
".. لآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم .."
14. سورة آل عمران - الآيات: 158 ــ 165
".. كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم .."
15. سورة آل عمران - الآيات: 174 ــ 180
".. لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض .."
16. سورة آل عمران - الآيات: 181 ــ 186
".. ل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل ال .."
17. سورة آل عمران - الآيات: 187 ــ 194
".. ا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد (194 .."
18. سورة النساء - الآيات: 87 ــ 91
".. الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الل .."
19. سورة النساء - الآيات: 106 ــ 113
".. في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا .."
20. سورة النساء - الآيات: 141 ــ 147
".. ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على .."
21. سورة النساء - الآيات: 155 ــ 162
".. ن أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا (159) فبظ .."
22. سورة المائدة - الآيات: 14 ــ 17
".. ه فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا .."
23. سورة المائدة - الآيات: 32 ــ 36
".. ض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب ألي .."
24. سورة المائدة - الآيات: 58 ــ 64
".. ا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطف .."
25. سورة الأنعام - الآيات: 9 ــ 18
".. لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنف .."
26. سورة الأعراف - الآيات: 31 ــ 37
".. ي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلم .."
27. سورة الأعراف - الآيات: 164 ــ 170
".. (166) وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن رب .."
28. سورة الأعراف - الآيات: 171 ــ 178
".. ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين (172 .."
29. سورة يونس - الآيات: 54 ــ 61
".. 59) وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس .."
30. سورة يونس - الآيات: 89 ــ 97
".. وا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (93 .."
31. سورة هود - الآيات: 54 ــ 62
".. نيد (59) وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا .."
32. سورة النحل - الآيات: 15 ــ 26
".. ر الأولين (24) ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغ .."
33. سورة النحل - الآيات: 27 ــ 34
".. ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي ال .."
34. سورة النحل - الآيات: 88 ــ 93
".. أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون (92) و .."
35. سورة النحل - الآيات: 119 ــ 128
".. لذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون .."
36. سورة الإسراء - الآيات: 8 ــ 17
".. إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا (13) اق .."
37. سورة الإسراء - الآيات: 50 ــ 58
".. (57) وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان .."
38. سورة الإسراء - الآيات: 59 ــ 66
".. أيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا .."
39. سورة الإسراء - الآيات: 97 ــ 104
".. ل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما .."
40. سورة الكهف - الآيات: 98 ــ 110
".. هم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا (105) ذلك جزاؤهم جهنم .."
41. سورة مريم - الآيات: 77 ــ 95
".. لقد أحصاهم وعدهم عدا (94) وكلهم آتيه يوم القيامة فردا (95)311 .."
42. سورة طه - الآيات: 114 ــ 125
".. عرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى (124) قال رب لم حشرتن .."
43. سورة الأنبياء - الآيات: 45 ــ 57
".. كنا ظالمين (46) ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان .."
44. سورة الحج - الآيات: 6 ــ 15
".. عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق (9) ذلك بما قد .."
45. سورة الحج - الآيات: 16 ــ 23
".. جوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد .."
46. سورة الحج - الآيات: 65 ــ 72
".. أعلم بما تعملون (68) الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون (69) .."
47. سورة المؤمنون - الآيات: 1 ــ 17
".. ثم إنكم بعد ذلك لميتون (15) ثم إنكم يوم القيامة تبعثون (16) ولقد خلقنا فوق .."
48. سورة الفرقان - الآيات: 68 ــ 77
".. ل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69) إلا م .."
49. سورة القصص - الآيات: 60 ــ 70
".. كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين (61) ويوم يناد .."
50. سورة العنكبوت - الآيات: 7 ــ 14
".. ن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون (13) ولقد .."
51. سورة العنكبوت - الآيات: 24 ــ 30
".. وثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضك .."
52. سورة السجدة - الآيات: 21 ــ 30
".. تنا يوقنون (24) إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (25 .."
53. سورة فاطر - الآيات: 12 ــ 18
".. وا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مث .."
54. سورة الزمر - الآيات: 11 ــ 21
".. الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين .."
55. سورة الزمر - الآيات: 41 ــ 47
".. ا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكو .."
56. سورة فصلت - الآيات: 39 ــ 46
".. أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعم .."
57. سورة الشورى - الآيات: 45 ــ 51
".. الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مق .."
58. سورة الجاثية - الآيات: 14 ــ 22
".. م العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (17 .."
59. سورة الجاثية - الآيات: 23 ــ 32
".. الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس .."
60. سورة الجاثية - الآيات: 33 ــ 37، سورة الأحقاف - الآيات: 1 ــ 5
".. يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون (5 .."
61. سورة المجادلة - الآيات: 7 ــ 11
".. عهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم (7) أ .."
62. سورة الممتحنة - الآيات: 1 ــ 5
".. ون (2) لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملو .."
63. سورة القلم - الآيات: 16 ــ 42
".. ون (38) أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون (39) سله ..".............................................
النبأ - تفسير ابن كثير
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)
ففي تفسير سورة النبأ
وهي مكية. تتناول الايات صورة مفصلة عن دمار الكو ثم البعث والنشور
 
بسم الله الرحمن الرحيم
{ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنزلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) }
يقول تعالى منكرًا على المشركين في تساؤلهم عن يوم القيامة إنكارًا لوقوعها: { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ } أي: عن أي شيء يتساءلون؟ من أمر القيامة، وهو النبأ العظيم، يعني: الخبر الهائل المفظع الباهر.
قال قتادة، وابن زيد: النبأ العظيم: البعث بعد الموت. وقال مجاهد: هو القرآن. والأظهر الأول لقوله: { الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } يعني: الناس فيه على قولين: مؤمن به وكافر.
ثم قال تعالى متوعدًا لمنكري القيامة: { كَلا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ } وهذا تهديدٌ شديد ووعيد أكيد.
ثم شرع وتعالى يُبَيّن قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة، الدالة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد وغيره، فقال: { أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا } ؟ أي: ممهدة للخلائق ذَلُولا لهم، قارّةً ساكنة ثابتة ، { وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا } أي: جعلها لها أوتادًا أرساها بها وثبتها وقرّرها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها.
ثم قال: { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا } يعني: ذكرًا وأنثى، يستمتع كل منهما بالآخر، ويحصل التناسل بذلك، كقوله: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً } [الروم : 21] .
وقوله: { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا } أي: قطعا للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد (1) والسعي
__________
(1) في أ: "الاسترداد".
(8/302)
في المعايش (1) في عرض النهار. وقد تقدم مثل هذه الآية في سورة "الفرقان" (2) .
{ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا } أي: يغشى الناس ظلامه وسواده، كما قال: { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } [الشمس : 4] وقال الشاعر (3) :
فَلَمَّا لَبِسْنَ اللَّيْلَ ، أو حِينَ نَصَّبتْ ... له مِن خَذا آذانِها وَهْوَ جَانِحُ ...
وقال قتادة في قوله: { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا } أي: سكنًا.
وقوله: { وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا } أي: جعلناه مشرقا مُنيرًا (4) مضيئًا، ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء للمعاش والتكسب والتجارات، وغير ذلك.
وقوله: { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا } يعني: السموات السبع، في اتساعها وارتفاعها وإحكامها وإتقانها، وتزيينها بالكواكب الثوابت والسيارات؛ ولهذا قال: { وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا } يعني: الشمس المنيرة على جميع العالم التي يتوهج ضوؤها لأهل الأرض كلهم.
وقوله: { وَأَنزلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا } قال العوفي، عن ابن عباس: { الْمُعْصِرَاتِ } الريح.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد، حدثنا أبو داود الحَفَري (5) عن سفيان، عن الأعمش، عن المِنْهَال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { وَأَنزلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ } قال: الرياح. وكذا قال عكرمة، ومجاهد، وقتادة، ومقاتل، والكلبي، وزيد بن أسلم: وابنه عبد الرحمن: إنها الرياح. ومعنى هذا القول أنها تستدر المطر من السحاب.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { مِنَ الْمُعْصِرَاتِ } أي: من السحاب. وكذا قال عكرمة أيضا، وأبو العالية، والضحاك، والحسن، والربيع بن أنس، والثوري. واختاره ابن جرير.
وقال الفراء: هي السحاب التي تَتَحَلَّب بالمطر ولم تُمطر بعدُ، كما يقال امرأة معصر، إذا دنا حيضها ولم تحض.
وعن الحسن، وقتادة: { مِنَ الْمُعْصِرَاتِ } يعني: السموات. وهذا قول غريب.
والأظهر أن المراد بالمعصرات: السحاب، كما قال [الله] (6) تعالى: { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ } [الروم : 48] أي: من بينه.
وقوله: { مَاءً ثَجَّاجًا } قال مجاهد، وقتادة، والربيع بن أنس: { ثَجَّاجًا } منصبا. وقال الثوري: متتابعًا. وقال ابن زيد: كثيرا.
__________
(1) في م: "في المعاش".
(2) عند تفسير الآية 47.
(3) هو ذو الرمة، والبيت في تفسير الطبري (30/3).
(4) في أ: "نيرا".
(5) في أ: "الجوني".
(6) زيادة من م.
(8/303) 
 

إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (3)

 
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)
 
 
قال ابن جرير: ولا يعرف في كلام العرب في صفة الكثرة الثج، وإنما الثج: الصب المتتابع. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الحجّ العجّ والثجّ". يعني: صَبّ دماء البُدْن (1) . هكذا قال . قلت: وفي حديث المستحاضة حين قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنعت لك الكُرسُفَ" -يعني: أن تحتشي بالقطن-: قالت (2) : يا رسول الله، هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجًا (3) . وهذا فيه دَلالة على استعمال الثَّج في الصبّ المتتابع الكثير، والله أعلم.
وقوله: { لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا } أي: لنخرجَ بهذا الماء الكثير الطيب النافع المُبَارَك { حَبًّا } يدخر للأناسي والأنعام، { وَنَبَاتًا} أي: خضرًا يؤكل رطبا، { وَجَنَّاتٍ } أي: بساتين وحدائقَ من ثمرات متنوعة، وألوان مختلفة، وطعوم وروائح متفاوتة، وإن كان ذهلك (4) في بقعة واحدة من الأرض مجتمعًا؛ ولهذا قال: { وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا } قال ابن عباس، وغيره: { أَلْفَافًا } مجتمعة. وهذه كقوله تعالى: { وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ } الآية [الرعد :4] .
{ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا (24) إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا (30) }
يقول تعالى مخبرًا عن يوم الفصل، وهو يوم القيامة، أنه مؤقت بأجل معدود، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يعلم وقته على التعيين إلا الله عز وجل، كما قال: { وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأجَلٍ مَعْدُودٍ } [هود :104] .
{ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا } قال مجاهد: زُمَرًا (5) . قال ابن جرير: يعني تأتي كل أمة مع رسولها، كقوله: { يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ } [الإسراء :31] (6) .
وقال البخاري: { يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا } حدثنا محمد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين النفختين أربعون".
__________
(1) تفسير الطبري (30/5)، وهذا الحديث جاء من حديث ابن عمر، وأبي بكر، وجابر، وابن مسعود رضي الله عنهم، وانظر تخريجها والكلام عليها في: نصب الراية للإمام الزيلعي (3/33-35).
(2) في أ: "فقالت".
(3) حديث المستحاضة هو حديث حمنة بنت جحش، وقد رواه الإمام أحمد في المسند (6/439)، وأبو داود في السنن برقم (287)، والترمذي في السنن برقم (128).
(4) في م، أ: "ذلك".
(5) في م: "زمرا زمرا".
(6) تفسير الطبري (30/60).
(8/304)
قالوا: أربعون يومًا؟ قال: "أبيتُ". قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: "أبيت". قالوا: أربعون سنة؟ قال: "أبيت". قال: "ثم يُنزلُ الله من السماء ماء فينبتُونَ كما ينبتُ البقلُ ، ليس من الإنسان شيءٌ إلا يَبلَى، إلا عظمًا واحدا، وهو عَجْبُ الذنَب، ومنه يُرَكَّبُ الخَلْقُ يومَ القيامة" (1) .
{ وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا } أي: طرقا ومسالك لنزول الملائكة ، { وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا } كقوله: { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } [النمل :88] وكقوله: { وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ } [القارعة :5] .
وقال هاهنا: { فَكَانَتْ سَرَابًا } أي: يخيل إلى الناظر أنها شيء، وليست بشيء، بعد هذا تَذهب بالكلية، فلا عين ولا أثر، كما قال: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا } [طه :105 -107] وقال: { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً } [الكهف :47].
وقوله: { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا } أي: مرصدة مُعَدّة، { للِطَّاغِينَ } وهم: المَرَدة العصاة المخالفون للرسل، { مَآبًا } أي: مرجعا ومنقلبا ومصيرا ونزلا. وقال الحسن، وقتادة في قوله: { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا } يعني: أنه لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز بالنار، فإن كان معه جواز نجا، وإلا احتبس. وقال سفيان الثوري: عليها ثلاث قناطر.
وقوله: { لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } أي: ماكثين فيها أحقابا، وهي جمع "حقُب"، وهو: المدة من الزمان. وقد اختلفوا في مقداره. فقال ابن جرير، عن ابن حميد، عن مِهْران، عن سفيان الثوري، عن عَمَّار الدّهنِي، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال علي بن أبي طالب لهلال الهَجَري: ما تجدونَ الحُقْبَ في كتاب الله المنزل؟ قال: نجده ثمانين سنة، كل سنة اثنا عشر شهرا، كل شهر ثلاثون يوما كل يوم ألف سنة (2) .
وهكذا رُويَ عن أبي هُرَيرة، وعبد الله بن عَمرو، وابن عباس، وسعيد بن جُبَير، وعَمرو بن ميمون، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس، والضحاك. وعن الحسن والسّدي أيضا: سبعون سنة كذلك. وعن عبد الله بن عمرو: الحُقبُ أربعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون. رواهما ابن أبي حاتم.
وقال بُشَير (3) بن كعب: ذُكِر لي أن الحُقب الواحد ثلاثمائة سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يومًا (4) ، كل يوم منها كألف سنة. رواه ابن جرير (5) ، وابن أبي حاتم.
ثم قال ابن أبي حاتم: ذكر عن عُمَر بن علي بن أبي بكر الأسْفَذْنيّ (6) : حدثنا مروان بن معاوية الفَزَاري، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا }
__________
(1) صحيح البخاري برقم (4935).
(2) تفسير الطبري (30/8).
(3) في أ: "وقال بشر".
(4) في م: "كل سنة اثنا عشر شهرا، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما".
(5) تفسير الطبري (30/8).
(6) في أ: "الأسعدي".
(8/305)
قال: فالحقب [ألف] (1) شهر، الشهر ثلاثون يوما، والسنة اثنا عشر شهرا، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، كل يوم منها ألف سنة مما تعدون، فالحقب ثلاثون ألف ألف سنة (2) . وهذا حديثٌ منكر جدًا، والقاسم هو والراوي عنه وهو جعفر بن الزبير كلاهما متروك.
وقال البزار: حدثنا محمد بن مِرْدَاس، حدثنا سليمان بن مسلم أبو المُعَلَّى قال: سألت سليمان التيمي: هل يخرج من النار أحد؟ فقال حدثني نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والله لا يخرج من النار أحد حتى يمكث فيها أحقابا". قال: والحُقْب: بضع وثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما مما تعدون (3) .
ثم قال: سليمان بن مسلم بصري مشهور.
وقال السّدي: { لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } سبعمائة حُقب، كل حقب سبعون سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يومًا، كل يوم كألف سنة مما تعدون.
وقد قال مقاتل بن حَيّان: إن هذه الآية منسوخة بقوله: { فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا }
وقال خالد بن مَعْدان: هذه الآية وقوله: { إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ } [هود :107] في أهل التوحيد. رواهما ابن جرير.
ثم قال: ويحتمل أن يكون قوله: { لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } متعلقًا بقوله: { لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا } ثم يحدث الله لهم بعد ذلك عذابا من شكل آخر ونوع آخر. ثم قال: والصحيح أنها لا انقضاء لها، كما قال قتادة والربيع بن أنس. وقد قال قبل ذلك.
حدثني محمد بن عبد الرحيم البَرْقِي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن سالم: سمعت الحسن يسأل عن قوله: { لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } قال: أما الأحقاب فليس لها عِدّة إلا الخلود في النار، ولكن ذكروا أن الحُقبَ سبعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون.
وقال سعيد، عن قتادة: قال الله تعالى: { لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } وهو: ما لا انقطاع له، كلما مضى حُقب جاء حقب بعده، وذكر لنا أن الحُقْب ثمانون سنة.
وقال الربيع بن أنس: { لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } لا يعلم عدة هذه الأحقاب إلا الله، ولكن الحُقْب الواحد ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، كل يوم كألف سنة مما تعدون. رواهما أيضا ابن جرير (4) .
__________
(1) زيادة من إتحاف للبوصيري.
(2) ورواه ابن أبي عم العدني في مسنده كما في إتحاف المهرة للبوصيري (ق 218 سليمانية) عن مروان، عن جعفر بن الزبير بنحوه، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (8/292) من طريق يعقوب بن كعب، عن مروان، عن جعفر، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعا: "الحقب الواحد: ثلاثون ألف سنة".
(3) مسند البزار برقم (2249) "كشف الأستار" ورواه الديلمي في مسند الفردوس برقم (7029) من طريق زياد بن أبي زيد، عن سليمان بن مسلم به نحوه، وقال الهيثمي في المجمع (10/395): "فيه سليمان بن مسلم الخشاب، وهو ضعيف جدًا".
(4) تفسير الطبري (30/9).
(8/306)
وقوله: { لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا } أي: لا يجدون في جَهنَّم بردًا لقلوبهم، ولا شرابا طيبا يتغذون به. ولهذا قال: { إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا } قال أبو العالية: استثنى من البرد الحميم ومن الشراب الغساق. وكذا قال الربيع بن أنس. فأما الحميم: فهو الحار الذي قد انتهى حره وحُموه. والغَسَّاق: هو ما اجتمع من صديد أهل النار وعرقهم ودموعهم وجروحهم، فهو بارد لا يستطاع من برده، ولا يواجه من نتنه. وقد قدمنا الكلام على الغساق في سورة "ص" (1) بما أغنى عن إعادته، أجارنا الله من ذلك، بمنه وكرمه.
قال ابن جرير: وقيل: المراد بقوله: { لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا } يعني: النوم، كما قال الكندي:
بَرَدت مَرَاشفها عَلَيّ فصدّني ... عنها وَعَنْ قُبُلاتها، البَرْدُ ...
يعني بالبرد: النعاس والنوم (2) هكذا ذكره ولم يَعزُه إلى أحد. وقد رواه ابن أبي حاتم، من طريق السدي، عن مرة الطيب. ونقله عن مجاهد أيضا. وحكاه البغوي عن أبي عُبَيدة، والكسائي أيضا.
وقوله: { جَزَاءً وِفَاقًا } أي: هذا الذي صاروا إليه من هذه العقوبة وَفق أعمالهم الفاسدة التي كانوا يعملونها في الدنيا. قاله مجاهد، وقتادة، وغير واحد.
ثم قال: { إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا } أي: لم يكونوا يعتقدون أن ثم دارًا يجازون فيها ويحاسبون، { وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا } أي: وكانوا يكذبون بحجج الله ودلائله على خلقه التي أنزلها على رسله، فيقابلونها بالتكذيب والمعاندة.
وقوله: { كِذَّابًا } أي: تكذيبا، وهو مصدر من غير الفعل. قالوا: وقد سُمع أعرابي يستفتي الفَرّاءَ على المروة: الحلقُ أحبّ إليك أو القِصار؟ وأنشد بعضهم (3) :
لَقَد طالَ ما ثَبَّطتنِي عَن صَحَابَتِي ... وعن حوج قضاؤها مِن شفَائيا ...
وقوله: { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا } أي: وقد عَلِمنا أعمالَ العباد كلهم، وكتبناهم عليهم، وسنجزيهم على ذلك، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.
وقوله: { فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا } أي: يقال لأهل النار: ذوقوا ما أنتم فيه، فلن نزيدكم إلا عذابًا من جنسهِ، { وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } [ص :58] .
قال قتادة: عن أبي أيوب الأزدي، عن عبد الله بن عمرو قال: لم ينزل على أهل النار آية أشد من هذه: { فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا } قال: فهم في مزيد من العذاب أبدا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن محمد بن مصعب الصوري، حدثنا خالد بن عبد
__________
(1) انظر تفسير الآية: 57 من سورة "ص".
(2) تفسير الطبري (30/9).
(3) البيت في تفسير الطبري (30/11).
(8/307)
الرحمن، حدثنا جَسر (1) بن فَرقد، عن الحسن قال: سألت أبا برزة الأسلمي عن أشد آية في كتاب الله على أهل النار. قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: { فَذُوقُوا فَلَنْ نزيدَكُمْ إِلا عَذَابًا } فقال: "هلك القوم بمعاصيهم الله عَزّ وجل" (2) .
جسرُ (3) بن فَرقد: ضعيف الحديث بالكلية.
__________
(1) في أ: "حدثنا".
(2) ورواه البيهقي في البعث برقم (635) من طريق محمد بن غالب، عن مسلم بن إبراهيم، عن جسر بن فرقد به، فذكره موقوفا، ورواه ابن مردويه في تفسيره كما في تخريج الكشاف للزيلعي (4/145) من طريق جعفر بن جسر بن فرقد، عن أبيه، عن الحسن به، ورواه الثعلبي في تفسيره كما في تخريج الكشاف للزيلعي (4/145) من طريق مهدى بن ميمون، عن الحسن بن دينار، عن الحسن، عن أبي برزة مرفوعًا بنحوه.
(3) في أ: "حسن".
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)
{ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36) }
يقول تعالى مخبرًا عن السعداء وما أعد لهم تعالى من الكرامة والنعيم المقيم، فقال: { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا } قال ابن عباس والضحاك: متنزها. وقال مجاهد، وقتادة: فازوا، فنجوا من النار. الأظهر هاهنا قولُ بن عباس؛ لأنه قال بعده: { حَدَائِقَ } وهي البساتين من النخيل وغيرها { وَأَعْنَابًا وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا } أي: وحورًا كواعب. قال ابن عباس ومجاهد، وغير واحد: { كواعب } أي: نواهد، يعنون أن ثُدُيَّهن نواهد لم يتدلين لأنهن أبكار عُرُب أتراب، أي: في سن واحدة، كما تقدم بيانه في سورة "الواقعة".
قال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن الدّشتكيّ، حدثني أبي، عن أبي سفيان عبد الرحمن بن عبد رب بن تيم اليشكرى، حدثنا عطية بن سليمان أبو الغيث، عن أبي عبد الرحمن القاسم بن أبي القاسم الدمشقي، عن أبي أمامة: أنه سمعه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن قُمُص أهل الجنة لتبدو من رضوان الله، وإن السحابة لتمر بهم فتناديهم: يا أهل الجنة، ماذا تريدون أن أمطركم؟ حتى إنها لتمطرهم الكواعب الأتراب" (1)
وقوله: { وَكَأْسًا دِهَاقًا } قال ابن عباس: مملوءة متتابعة. وقال عكرمة: صافية. وقال مجاهد، والحسن وقتادة، وابن زيد: { دهاقا } الملأى المترعة. وقال مجاهد (2) وسعيد بن جبير: هي المتتابعة.
وقوله: { لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا } كقوله: { لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ } [الطور : 23] أي: ليس فيها كلام لاغٍ عَارٍ عن الفائدة، ولا إثم كذب، بل هي دار السلام، وكل ما فيها سالم من النقص.
__________
(1) ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/195) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد، عن أبي سفيان - عبد الرحمن بن عبد رب بن تيم اليشكرى به.
(2) في م: "وقال قتادة".
(8/308)
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)
وقوله: { جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا } أي: هذا الذي ذكرناه جازاهم الله به وأعطاهموه، بفضله ومَنِّه وإحسانه ورحمته؛ { عَطَاءً حِسَابًا } أي: كافيًا وافرًا شاملا كثيرًا؛ تقول العرب: "أعطاني فأحسبني" أي: كفاني. ومنه "حسبي الله" ، أي: الله كافيّ.
{ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40) }
يخبر تعالى عن عظمته وجلاله، وأنه رب السموات والأرض وما فيهما وما بينهما، وأنه الرحمن الذي شملت رحمته كل شيء.
وقوله: { لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا } أي: لا يقدر أحد على ابتداء مخاطبته إلا بإذنه، كقوله: { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ } [البقرة : 255] ، وكقوله: { يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ } [هود : 105]
وقوله: { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ } اختلف المفسرون في المراد بالروح هاهنا، ما هو؟ على أقوال:
أحدها: رواه العوفي، عن ابن عباس: أنهم أرواح بني آدم.
الثاني: هم بنو آدم. قاله الحسن، وقتادة، وقال قتادة: هذا (1) مما كان ابن عباس يكتمه.
الثالث: أنهم خَلق من خلق الله، على صُور بني آدم، وليسوا بملائكة ولا ببشر، وهم يأكلون ويشربون. قاله ابن عباس، ومجاهد، وأبو صالح والأعمش.
الرابع: هو جبريل. قاله الشعبي، وسعيد بن جبير، والضحاك. ويستشهد لهذا القول بقوله: { نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ } [الشعراء : 193 ، 194] وقال مقاتل بن حيان: الروح: أشرف الملائكة، وأقرب إلى الرب عز وجل، وصاحب الوحي.
والخامس: أنه القرآن. قاله ابن زيد، كقوله: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا } الآية [الشورى : 52].
والسادس: أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات؛ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: قوله: { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ } قال: هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقًا.
وقال ابن جرير: حدثني محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا رَواد (2) بن الجراح، عن أبي
__________
(1) في م: "وهذا".
(2) في أ: "حدثنا داود".
(8/309)
حمزة، عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: الروح: في السماء الرابعة هو أعظم من السموات ومن الجبال ومن الملائكة، يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يخلق الله من كل تسبيحة مَلَكًا من الملائكة يجيء يوم القيامة صفًا وحده (1) ، وهذا قول غريب جدًا.
وقد قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله بن عرْس المصري، حدثنا وهب [الله بن رزق أبو هريرة، حدثنا بشر بن بكر] (2) ، حدثنا الأوزاعي، حدثني عطاء، عن عبد الله بن عباس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لله ملكا لو قيل له: التقم السماوات السبع والأرضين بلقمة واحدة، لفعل، تسبيحه: سبحانك حيث كنت" (3) .
وهذا حديث غريب جدًا، وفي رفعه نظر، وقد يكون موقوفًا على ابن عباس، ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات، والله أعلم.
وتَوَقَّفَ ابنُ جرير فلم يقطَع بواحد من هذه الأقوال كلها، والأشبه -والله أعلم-أنهم بنو آدم.
وقوله: { إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ } كقوله: { لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ } [هود : 105]. وكما ثبت في الصحيح: "ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل".
وقوله { وَقَالَ صَوَابًا } أي: حقا، ومن الحق: "لا إله إلا الله" ، كما قاله أبو صالح، وعكرمة.
وقوله: { ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ } أي: الكائن لا محالة، { فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا } (4) أي: مرجعا وطريقا يهتدي إليه ومنهجا يمر به عليه.
وقوله: { إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا } يعني: يوم القيامة لتأكد وقوعه صار قريبا، لأن كل ما هو آت آت.
{ يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } أي: يعرض عليه جميع أعماله، خيرها وشرها، قديمها وحديثها، كقوله: { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا } [الكهف : 49] ، وكقوله: { يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [القيامة : 13] .
{ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا } أي: يود الكافر يومئذ أنه كان في الدار الدنيا ترابا، ولم يكن خُلِقَ، ولا خرج إلى الوجود. وذلك حين عاين عذاب الله، ونظر إلى أعماله الفاسدة قد سُطَّرت عليه بأيدي الملائكة السَّفَرة الكرام البَرَرة، وقيل: إنما يود ذلك حين يحكم الله بين
__________
(1) تفسير الطبري (30/15).
(2) زيادة من م، أ.
(3) المعجم الكبير (11/95) ، والمعجم الأوسط برقم (66) "مجمع البحرين"، وقال في الأوسط: "لم يروه عن الأوزاعى إلا بشر، تفرد به وهب"، ووهب لم أر من ترجم له.
(4) في م: "سبيلا" وهو خطأ.
(8/310)
الحيوانات التي كانت في الدنيا، فيفصل بينها بحكمه العدل الذي لا يجور، حتى إنه ليقتص للشاة الجمَّاء من القرناء. فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها: كوني ترابا، فتصير ترابا. فعند ذلك يقول الكافر: { يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا } أي: كنت حيوانا فأرجع إلى التراب. وقد ورد معنى هذا في حديث الصّور المشهور (1) وورد فيه آثار عن أبي هُرَيرة، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما.
[آخر تفسير سورة "عم" (2) ] (3)
__________
(1) حديث الصور تقدم بطوله عند تفسير الآية: 73 من سورة "الأنعام".
(2) في م: "النبأ".
(3) زيادة من م، أ.
(8/311)  
وتناولت الايات الحديث عن نهاية الكون والردة الي الديان للحساب ففي سور النازعات قال الله تعالي 
 
{{{وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9) يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14)
تفسير سورة النازعات
وهي مكية.
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9) يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14) }
قال ابن مسعود وابن عباس، ومسروق، وسعيد بن جبير، وأبو صالح، وأبو الضحى، والسُّدي: { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا } الملائكة، يعنون حين تنزع أرواح بني آدم، فمنهم من تأخذ روحه بعُنف فَتُغرق في نزعها، و[منهم] (1) من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حَلَّته من نشاط، وهو قوله: { وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا } قاله ابن عباس.
وعن ابن عباس: { والنازعات } هي أنفس الكفار، تُنزع ثم تُنشَط، ثم تغرق في النار. رواه ابن أبي حاتم.
وقال مجاهد: { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا } الموت .وقال الحسن، وقتادة: { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا } هي النجوم.
وقال عَطَاءُ بنُ أبي رَباح في قوله: { والنازعات } و { الناشطات } هي القسيّ في القتال. والصحيح الأول، وعليه الأكثرون.
وأما قوله: { وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا } فقال ابن مسعود: هي الملائكة. ورُوي عن علي، ومجاهد، وسعيد بن جُبَير، وأبي صالح مثلُ ذلك.
وعن مجاهد: { وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا } الموت .وقال قتادة: هي النجوم. وقال عطاء بن أبي رباح: هي السفن.
وقوله: { فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا } رُوي عن علي، ومسروق، ومجاهد، وأبي صالح، والحسن البصري: يعني الملائكة؛ قال الحسن: سبقت إلى الإيمان والتصديق به. وعن مجاهد: الموت. وقال قتادة: هي النجوم وقال عطاء: هي الخيل في سبيل الله .
__________
(1) زيادة من م.
(8/312)
وقوله: { فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا } قال علي، ومجاهد، وعطاء، وأبو صالح، والحسن، وقتادة، والربيع بن أنس، والسدي: هي الملائكة-زاد الحسن: تدبر الأمر من السماء إلى الأرض. يعني: بأمر ربها عز وجل. ولم يختلفوا في هذا، ولم يقطع ابن جرير بالمراد في شيء من ذلك، إلا أنه حكى في { فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا } أنها الملائكة، ولا أثبت ولا نفى .
وقوله: { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ } قال ابن عباس هما النفختان الأولى والثانية. وهكذا قال مجاهد، والحسن، وقتادة، والضحاك، وغير واحد.
وعن مجاهد: أما الأولى-وهي قوله: { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ } -فكقوله جلت عظمته: { يَوْمَ تَرْجُفُ الأرْضُ وَالْجِبَالُ } [المزمل : 14] ، والثانية-وهي الرادفة-فهي كقوله: { وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } [الحاقة : 14] .
وقد قال الإمام أحمد حدثنا وَكِيع، حدثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه". فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: "إذًا يكفيك الله ما أهَمَّك من دنياك وآخرتك".
وقد رواه الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، من حديث سفيان الثوري، بإسناده مثله (1) ولفظ الترمذي وابن أبي حاتم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: " يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه".
وقوله: { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } قال ابن عباس: يعني خائفة. وكذا قال مجاهد، وقتادة.
{ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ } أي: أبصار أصحابها. وإنما أضيف إليها؛ للملابسة، أي: ذليلة حقيرة؛ مما عاينت من الأهوال.
وقوله: { يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ } ؟ يعني: مشركي قريش ومن قال بقولهم في إنكار المعاد، يستبعدون وقوعَ البعث بعد المصير إلى الحافرة، وهي القبور، قاله مجاهد. وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها؛ ولهذا قالوا: { أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً } ؟ وقرئ: "ناخرة".
وقال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: أي بالية. قال ابن عباس: وهو العظم إذا بلي ودَخَلت
الريح فيه. { قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ }
وعن ابن عباس، ومحمد بن كعب، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبي مالك، والسدي، وقتادة: الحافرة: الحياة بعد الموت. وقال ابن زيد: الحافرة: النار. وما أكثر أسمائها! هي النار، والجحيم، وسقر، وجهنم، والهاوية، والحافرة، ولظى، والحُطَمة.
وأما قولهم: { تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } فقال محمد بن كعب: قالت قريش: لئن أحيانا الله بعد أن نموت لنخسرن.
__________
(1) المسند (5/136)، وسنن الترمذي برقم (2457)، وتفسير الطبري (30/21).
(8/313)
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15)
قال الله تعالى: { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ } أي: فإنما هو أمر من الله لا مثنوية فيه ولا تأكيد، فإذا الناس قيام ينظرون، وهو أن يأمر تعالى إسرافيلَ فينفخ في الصور نفخَة البعث، فإذا الأولون والآخرون قيامٌ بين يَدَي الربّ عز وجل ينظرون، كما قال: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا } [الإسراء : 52] وقال تعالى: { وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } [القمر : 50] وقال تعالى: { وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } [النحل : 77] .
قال مجاهد: { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } صيحة واحدة.
وقال إبراهيم التيمي: أشد ما يكون الرب غَضَبًا على خلقه يوم يبعثهم.
وقال الحسن البصري: زجرة من الغضب. وقال أبو مالك، والربيع بن أنس: زجرة واحدة: هي النفخة الآخرة .
وقوله: { فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ } قال ابن عباس: { بِالسَّاهِرَة } الأرض كلها. وكذا قال سعيد بن جُبَير، وقتادة، وأبو صالح.
وقال عكرمة، والحسن، والضحاك، وابن زيد: { بِالسَّاهِرَة } وجه الأرض.
وقال مجاهد: كانوا بأسفلها فأخرجوا إلى أعلاها. قال: و { بِالسَّاهِرَة } المكان المستوي.
وقال الثوري: { بِالسَّاهِرَة } أرض الشام، وقال عثمان بن أبي العاتكة: { بِالسَّاهِرَة } أرض بيت المقدس. وقال وهب بن مُنَبه: { الساهرة } جبل إلى جانب بيت المقدس. وقال قتادة أيضا: { بِالسَّاهِرَة } جهنم.
وهذه أقوال كلها غريبة، والصحيح أنها الأرض وجهها الأعلى.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا خَزَر بن المبارك الشيخ الصالح، حدثنا بشر بن السري، حدثنا مصعب بن ثابت، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي: { فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ } قال: أرض بيضاء عفراء خالية كالخُبزَة النَّقِيّ.
وقال الربيع بن أنس: { فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ } ويقول الله عز وجل: { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } [إبراهيم : 48] ، ويقول: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا } [طه : 105 ، 106] . وقال: { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً } [الكهف : 47] : وبرزت الأرض التي عليها الجبال، وهي لا تعد من هذه الأرض، وهي أرض لم يعمل عليها خطيئة، ولم يَهرَاق عليها دم.
{ هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) }
ثم سورة الذارسات ومن قبلها ق يتناولون فيها البعث والنشور والحزاء والحساب

قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آَيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37)
{ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الألِيمَ (37) }
(7/421)
وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46)
قال الله مخبرا عن إبراهيم، عليه السلام: { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } [ هود: 74 -76 ] .
وقال هاهنا: { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ } أي: ما شأنكم وفيم جئتم؟.
{ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ } يعنون قوم لوط.
{ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً } أي: معلمة { عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } أي: مكتتبة عنده بأسمائهم، كل حجر عليه اسم صاحبه، فقال في سورة العنكبوت: { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ } [ العنكبوت: 32] .وقال هاهنا: { فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ، وهم لوط وأهل بيته إلا امرأته.
{ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } احتج بهذه [الآية] (1) من ذهب إلى رأي المعتزلة، ممن لا يفرق بين مسمى الإيمان والإسلام؛ لأنه أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين. وهذا الاستدلال ضعيف؛ لأن هؤلاء كانوا قوما مؤمنين، وعندنا أن كل مؤمن مسلم لا ينعكس، فاتفق الاسمان هاهنا لخصوصية الحال، ولا يلزم ذلك في كل حال.
وقوله: { وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الألِيمَ } أي: جعلناها عبرة، لما أنزلنا بهم من العذاب والنكال وحجارة السجيل، وجعلنا (2) محلتهم بحيرة منتنة خبيثة، ففي ذلك عبرة للمؤمنين، { لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الألِيمَ }
{ وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46) }
يقول تعالى: { وَفِي مُوسَى } [آية] (3) { إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ } أي: بدليل باهر وحجة قاطعة، { فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ } أي: فأعرض فرعون عما جاءه (4) به موسى من الحق المبين، استكبارا
__________
(1) زيادة من م.
(2) في م، أ: "وجعل".
(3) زيادة من م.
(4) في م: "جاء".
(7/422)
وعنادا.
وقال مجاهد: تعزز بأصحابه. وقال قتادة: غلب عدُو الله على قومه. وقال ابن زيد: { فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ } أي: بجموعه التي معه، ثم قرأ: { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } [ هود: 80 ] .
والمعنى الأول قوي كقوله: { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [ الحج: 9 ] أي: معرض عن الحق مستكبر، { وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } أي: لا يخلو أمرك فيما جئتني به من أن تكون ساحرا، أو مجنونا.
قال الله تعالى: { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ } أي: ألقيناهم في اليم، وهو البحر، { وَهُوَ مُلِيمٌ } أي: وهو ملوم كافر جاحد فاجر معاند.
ثم قال: { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ } أي: المفسدة التي لا تنتج شيئا. قاله الضحاك، وقتادة، وغيرهما.
ولهذا قال: { مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ } أي: مما تفسده الريح { إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } أي: كالشيء الهالك البالي.
وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله بن أخي ابن وهب، حدثنا عمي عبد الله بن وهب، حدثني عبد الله -يعني: ابن عياش (1) -القتباني، حدثني عبد الله بن سليمان، عن دراج، عن عيسى بن هلال الصَّدَفِي، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الريح مسخرة من الثانية -يعني من الأرض الثانية-فلما أراد الله أن يهلك عادًا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا، قال: أي رَبَ، أرسل عليهم [من] (2) الريح قدر منخر الثور؟ قال له الجبار: لا إذًا تكفأ الأرض ومن عليها، ولكن أرسل [عليهم] (3) بقدر خاتم. فهي التي يقول (4) الله في كتابه: { مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ }
هذا الحديث رفعه منكر (5) ، والأقرب أن يكون موقوفا على عبد الله بن عمرو، من زاملتيه اللتين (6) أصابهما يوم اليرموك، والله أعلم.
قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله: { إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ } قالوا: هي الجنوب. وقد ثبت في الصحيح من رواية شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدبور" (7) .
{ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ } قال ابن جرير: يعني إلى وقت فناء آجالكم.
__________
(1) في م: "ابن عباس".
(2) زيادة من م.
(3) زيادة من م.
(4) في م، أ: "قال".
(5) رواه الحاكم في المستدرك (4/594) وابن منده في كتاب التوحيد (1/186) من طريق عبد الله بن وهب بأطول منه.
وقال ابن منده: إسناده متصل مشهور ورواته مصريين. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: "بل منكر، فيه عبد الله بن عياس ضعفه أبو داود، وعند مسلم أنه ثقة، ودراج وهو كثير المناكير".
(6) في م: "اللذين".
(7) صححه مسلم برقم (900).
(7/423)
وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51)
.
والظاهر أن هذه كقوله: { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ } [ فصلت: 17 ] .
وهكذا قال هاهنا: { وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ } ، وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام وجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بُكْرَة النهار { فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ } أي: من هَرَبٍ ولا نهوض، { وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ } أي: ولا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه.
وقوله: { وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ } أي: وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء { إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ } وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة، من سور متعددة.
{ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالأرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51) }
يقول تعالى منبها على خلق العالم العلوي والسفلي: { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا } أي: جعلناها سقفا [محفوظا] (1) رفيعا { بأيد } أي: بقوة. قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والثوري، وغير واحد، { وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } ، أي: قد وسعنا أرجاءها ورفعناها بغير عمد، حتى استقلت كما هي.
{ وَالأرْضَ فَرَشْنَاهَا } أي: جعلناها فراشًا للمخلوقات، { فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ } أي: وجعلناها مهدا لأهلها.
{ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } أي: جميع المخلوقات أزواج: سماء وأرض، وليل ونهار، وشمس وقمر، وبر وبحر، وضياء وظلام، وإيمان وكفر، وموت وحياة، وشقاء وسعادة، وجنة ونار، حتى الحيوانات [جن وإنس، ذكور وإناث] (2) والنباتات، ولهذا قال: { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي: لتعلموا أن الخالق واحدٌ لا شريك له.
{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ } أي: الجئوا إليه، واعتمدوا في أموركم عليه، { إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ } .
{ وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ } أي: [و] (3) لا تشركوا به شيئا، { إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ } .
__________
(1) زيادة من م.
(2) زيادة من أ.
(3) زيادة من م.
(7/424

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دمار الكون بالنفير قبل يوم القيامة

  الروابط 1.دمار الكون بالصيحة بي دي اف 2.دمار الكون بالنفير 3. دمار الكون بالصيحة(النفير) مشاهد من يوم القيامة... 4-¤-¤ تابع 4 دمار ا...