ج1.
شرح حديث ابن عباس في الفرائض عبد المحسن بن محمد المنيف
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا
تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا
رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي
تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} 2
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} 3.
أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بجوامع الكلم 4،
وخصه ببدائع الحكم5، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"بعثت بجوامع الكلم " 6.
__________
1 سورة آل عمران الآية102
2 سورة النساء الآية1
3 سورة الأحزاب الآية 70-71
4 جوامع الكلم هو إيجاز اللفظ مع تناوله المعاني الكثيرة جدا. انظر شرح صحيح مسلم
للنووي13/170.
5 انظر جامع العلوم والحكم1/5.
6 أخرجه البخاري في كتاب الجهاد باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "نصرت
بالرعب مسيرة شهر" 6/128 ط مع الفتح، ومسلم بنحوه في أول كتاب المساجد ومواضع
الصلاة1/371، 372.
(1/93)
ومن
الأحاديث الجوامع للكلم حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر "
كما ذكر ذلك الحافظ ابن رجب في مقدمته لكتاب " جامع العلوم والحكم " حيث
قال رحمه الله: " لأنه الجامع لقواعد الفرائض التي هي نصف العلم "1.
فرغبت شرح هذا الحديث مع بيان الأحكام الفرضية المستنبطة منه وقد جمعت ما يتعلق
بهذا الحديث من كتب المحدثين والفقهاء والفرضيين التي تيسر لي الوقوف عليها وقد
كان من أسباب اختياري لشرح هذا الحديث غير ما ذكر ما يأتي:-
1- بيان كلام أهل العلم في الحكمة في تقييد الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل يكونه
ذكرا.
2- جمع ما تفرق من الأحكام المستنبطة من هذا الحديث في مكان واحد.
3- رغبة المساهمة في جمع ما يتعلق بهذا الحديث: رواية ودراية حيث إني لم أجد حسب
اطلاعي القاصر من قام بذلك.
وقد رتبته على تمهيد وخمسة مباحث وخاتمة.
التمهيد: في التعريف بعلم الفرائض، ويشتمل على ثلاثة مطالب:-
المطلب الأول: تعريف الفرائض لغة واصطلاحا
المطلب الثاني: أهمية علم الفرائض في الكتاب والسنة
المطلب الثالث: أقسام الإرث
المبحث الأول: ألفاظ الحديث وتخريجها
__________
1 جامع العلوم والحكم1/9
(1/94)
المبحث
الثاني: معاني مفردات الحديث
المبحث الثالث: المعنى الإجمالي للحديث
المبحث الرابع: الحكمة في تقييد الرجل بكونه ذكرا
المبحث الخامس: الأحكام المستنبطة من الحديث
وفيه ثلاثة مطالب:-
المطلب الأول: الأحكام المتفق عليها بين الأئمة الأربعة.
المطلب الثاني: الأحكام الراجحة من الحديث
المطلب الثالث: الأحكام المرجوحة من الحديث
الخاتمة في نتائج البحث
وسرت على المنهج الآتي:-
1- قمت بجمع المادة العلمية، ثم ترتيبها على حسب ما أراه مناسبا.
2- رجعت إلى الكتب المعتمدة في جمع ما يتعلق بهذا الحديث سواء من كتب الحديث أو
الفقه أو الفرائض، وحاولت النقل من المصدر الأقدم في الغالب.
3- سلكت في الأحكام المستنبطة من الحديث الطريقة الآتية:-
أ - إذا كان الحكم متفق عليه بين الأئمة الأربعة، فإني أقتصر على ذكر من حكى
الاتفاق فقط.
ب - إذا كان الحكم المستنبط من الحديث هو القول الراجح، فإني أذكر من قال بهذا
القول من العلماء، ثم أذكر من خالف في ذلك من العلماء المشهورين مع ذكر دليلين لما
استدلوا به والجواب عنهما.
ج - إذا كان الحكم المستنبط من الحديث هو: القول المرجوح، فإني أذكر من قال بهذا
القول من العلماء المشهورين، ثم أذكر القول الراجح ومن
(1/95)
قال
به من العلماء المشهورين، وذكر ما تيسر من أدلتهم، ثم الجواب عن الاستدلال بهذا
الحديث.
3- قمت بعزو الآيات إلى سورها مع بيان رقم الآية.
4- قمت بتخريج الأحاديث الواردة في البحث، فإذا كان الحديث في الصحيحين فإني اكتفي
بذلك، وإذا كان في أحدهما فإني أضم إلى ذلك تخريجه من السنن الأربعة ومسند الإمام
أحمد، وإذا كان في غيرهما فإني أخرجه من السنن الأربعة، وأذكر ما وقفت عليه من
كلام المحدثين حول الحديث صحة أو ضعفا.
5- قمت بتوضيح الكلمات الغريبة.
هذا ما تيسر لي بحثه، مع اعترافي بالتقصير لكني ولله الحمد والمنة بذلت ما في وسعي
من بحث ووقت وجهد، فأسأل الله عز وجل أن ينفعني به، وينفع به من قرأه والله ولي
التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1/96)
التمهيد
المطلب الأول تعريف الفرائض لغة واصطلاحا
...
التمهيد
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف الفرائض لغة واصطلاحا
المطلب الثاني: أهمية علم الفرائض في الكتاب والسنة
المطلب الثالث: أقسام الإرث
(1/97)
المطلب
الأول: تعريف الفرائض لغة واصطلاحا
الفرائض لغة: جمع فريضة مأخوذة من الفرض، والفرض له معان كثيرة منها ما يأتي:
1- الحز، ومنه فرض القوس وهو الحز الذي في طرفه حيث يوضع الوتر.
2- القطع، ومنه قولك فرضت لفلان كذا من المال أي قطعت له.
3- الوجوب، تقول: فرضت الشيء أفرضه فرضا أي أوجبته، ومنه قوله تعالى {سُورَةٌ
أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} 1 أي ألزمناكم العمل بما فرض فيها.
4- التبيين، ومنه قوله تعالى {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُم}
2 أي بين لكم ما تتحللون به من الأيمان التي عقدتموها.
5- الفرض الهبة، يقال ما أعطاني فرضا ولا قرضا.
6- المفروض المقتطع المحدود، ومنه قوله تعالى {نَصِيباً مَفْرُوضاً} 3 أي نصيبا
محددا ومقطوعا.
7- الفريضة ما فرض من السائمة من الصدقة، والفريضة الهرمة المسنة 4.
وأما تعريف الفرائض في الاصطلاح فلها عدة تعاريف، وسأقتصر على بعض تعريفات
الفرضيين لها.
التعريف الأول:
فقه المواريث، وعلم الحساب الموصل لمعرفة ما يخص كل ذي حق من التركة.
__________
1 سورة النور الآية 1
2 سورة التحريم الآية 2
3 سورة النساء الآية7
4 انظر: الصحاح 3/1097، 1098، ولسان العرب 7/202 – 206، والقاموس المحيط 2/ 339،
340، وتاج العروس 18/ 475-488.
(1/98)
وهذا
التعريف للشيخ العلامة الفرضي أحمد بن محمد بن الهائم، والشيخ العلامة الفرضي عبد
الله بن محمد الشنشوري، والشيخ العلامة الفرضي عبد القادر بن أحمد بن بدران من
الحنابلة1.
التعريف الثاني:
فقه المواريث، وما ضم إلى ذلك من حسابها.
وهذا التعريف للشيخ العلامة الفرضي صالح بن حسن البهوتي، وتبعه عليه كل من الشيخ
إبراهيم بن عبد الله بن سيف، والشيخ عبد الرحمن ابن محمد بن قاسم، والشيخ عبد
العزيز بن ناصر الرشيد، وسماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز2.
التعريف الثالث:
معرفة من يرث، ومن لا يرث، ومن يحجب، ومن لا يحجب
وهذا تعريف الأخضري من المالكية3.
التعريف الرابع:
علم بأصول من فقه وحساب، تعرف حق كل من التركة
وهذا تعريف الشيخ عبد الملك البتني من الحنفية4.
وفي النظر في هذه التعاريف أجد أن التعريف الأول، والثاني، والرابع تعاريف جامعة
تشمل على فقه الفرائض وعلى حساب الفرائض بخلاف التعريف الثالث فإنه
__________
1 انظر كفاية الحفاظ مع شرحها نهاية الهداية1/104؛ وفتح القريب المجيب شرح كتاب
الترتيب1/5؛ والبدرانية في شرح الفارضية ص7،8.
2 انظر عمدة كل فارض مع شرحها العذب الفائض1/12؛ وحاشية الرحبية ص9؛ وعدة الباحث
ص3، والفوائد الجلية في المباحث الفرضية ص5.
3 انظر شرح الدرة البيضاء ص41
4 انظر شرح خلاصة الفرائض ص4،5
(1/99)
تعريف
غير جامع حيث لا يشتمل على حساب الفرائض.
وأجد كذلك أن التعريف الثاني مشابه للتعريف الأول إلا أن الجزء الثاني من التعريف
الثاني يعتبر مختصرا من الجزء الثاني من التعريف الأول، وهذا الاختصار غير مخل
للمقصود من التعريف.
(1/100)
المطلب
الثاني: أهمية علم الفرائض في الكتاب والسنة
أهمية الفرائض في الكتاب تتضح مما يأتي:
1- فصل الله سبحانه وتعالى الفرائض ثلاث آيات من كتابه أكثر من غيرها مثل الصلاة
فهي مجملة في كتاب الله وبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا شافيا1. ولهذا:
ذكر الحافظ ابن كثير: إن علم الفرائض مستنبط من هذه الآيات الثلاث وهي الآية
الحادية عشرة، والآية الثانية عشرة والآية الأخيرة من سورة النساء2.
2- أن الله سبحانه تولى قسمة الفرائض بنفسه فلم يكلها إلى ملك مقرب، ولا إلى نبي
مرسل، بل بينها سبحانه في محكم كتابه3.
3- أن الله عز وجل جعل هذا التقسيم فريضة كما قال تعالى في آخر الآية الأولى من
آيات الفرائض {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ
نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} 4.
__________
1 انظر التحقيقات المرضية ص12
2 انظر تفسير ابن كثير1/457.
3 انظر فقه المواريث1/11
4 سورة النساء الآية 11
(1/100)
4
- أن الله سبحانه وتعالى وعد من أطاعه في تقسيم الفرائض على وجهها الشرعي دخول
الجنة، وهذا فضل عظيم يدل على أهمية الفرائض. قال تعالى بعد أن ذكر الآية الأولى
والثانية من آيات الفرائض {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 1.
5- أن الله سبحانه وتعالى توعد من لم يطعه أو لم يطع رسوله عليه الصلاة والسلام،
وتعدى حدود الله عز وجل؛ وذلك بأن لم ينفذ فرائضه ومنها تقسيم الفرائض على الوجه
الشرعي بدخول النار. قال تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ
حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} 2.
ولهذا قال الحافظ ابن كثير في تفسير هاتين الآيتين ما نصه: " أي هذه الفرائض،
والمقادير التي جعلها الله للورثة - بحسب قربهم من الميت واحتياجهم إليه وفقدهم له
عند عدمه - هي: حدود الله فلا تعتدوها، ولا تجاوزوها؛ ولهذا قال {وَمَنْ يُطِعِ
اللَّهَ وَرَسُولَه} أي فلم يزد بعض الورثة ولم ينقص بعضها بحيلة ووسيلة، بل تركهم
على حكم الله وفريضته وقسمته {يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا
وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} 3 أي لكونه غير ما حكم الله به، وضاد الله في حكمه، وهذا
إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله وحكم به، ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب
الأليم " 4.
وأما أهمية الفرائض في السنة فتتضح في الآتي:
__________
1 سورة النساء الآية 13
2 سورة النساء الآية14
3 سورة النساء آية 13،14
4 تفسير ابن كثير1/461.
(1/101)
1-
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بتنفيذ الفرائض على وجهها الشرعي كما في أول هذا
الحديث الذي أنا بصدد شرحه.
2- أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين بعض أحكام الفرائض ومنه آخر هذا الحديث الذي
أنا بصدد شرحه حين وضح الرسول صلى الله عليه وسلم مصرف التركة بعد أصحاب الفرائض.
ومنه ميراث الجدة فقد ثبت بالسنة النبوية الصحيحة، فعن قبيصة بن ذؤيب أنه قال جاءت
الجدة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله
شيء وما علمت لك في سنة رسول الله شيئا، فارجعي حتى أسأل الناس فسأل الناس فقال
المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال أبو بكر:
هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثلما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو
بكر الصديق1.
3- أن الرسول صلى الله عليه وسلم روي عنه عدة أحاديث في فضل علم الفرائض وفي الحث
على تعلمها وسأقتصر على حديثين مما اشتهر عند علماء الفرائض.
الحديث الأول:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم " يا أبا هريرة
تعلموا الفرائض وعلموها فإنه نصف العلم وهو ينسى وهو أول
__________
1 أخرجه أبو داود في كتاب الفرائض باب ميراث الجدة3/316-317، والترمذي في أبواب
الفرائض باب ميراث الجدة4/419-420، وابن ماجه في كتاب الفرائض باب ميراث
الجدة2/909-910، والإمام مالك في الموطأ في كتاب الفرائض باب ميراث الجدة2/513،
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير3/82 " إسناده صحيح لثقة رجاله إلا أن
صورته مرسل فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق ولا يمكن شهوده للقصة قاله ابن عبد
البر بمعناه ".
(1/102)
شيء
ينزع من أمتي " 1.
الحديث الثاني:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
" تعلموا القرآن وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموه الناس فإني امرؤ مقبوض
وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة لا يجدان من يقضي بها
" 2.
__________
1 أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض باب الحث على تعليم الفرائض2/908،
والدارقطني4/67، والحاكم في مستدركه4/332، وسكت عنه ولم يوافقه الذهبي حيث قال:
قلت حفص واه بمرة. والبيهقي في السنن الكبرى6/209، وقال تفرد به حفص بن عمر وليس
بالقوي، والعقيلي في الضعفاء1/271، في ترجمة حفص بن عمر وقال: "ولا يتابع
عليه لا يعرف إلا به"، وابن حبان في المجروحين1/255، في ترجمة حفص بن عمر
وقال: "لا يجوز الاجتجاج به بحال "، وابن عدي في الكامل2/791 في ترجمة
حفص بن عمر، وقال: "وحديثه كما ذكر البخاري منكر الحديث". والخطيب
البغدادي في تاريخ بغداد 3/319، وابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث
الواهية1/128-129، وقال: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه سلم،
والمتهم به حفص بن عمر بن أبي العلاف قال البخاري هو منكر الحديث رماه يحيى
النيسابوري بالكذب"، والمزي في تهذيب الكمال7/4، وقال الحافظ بن حجر في
التلخيص الحبير3/79: ومداره على حفص بن عمر بن أبي العطاف وهو متروك والحديث مشهور
عند الفرضيين، وقد حسن سند ابن ماجه سبط المارديني في شرحه على المنظومة الرحبية ص
23، وحكم عليه الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني في كتابه مختصر المقاصد الحسنة ص
86 بقوله حسن لغيره.
2 أخرجه النسائي في السنن الكبرى في كتاب الفرائض باب الأمر بتعليم الفرائض4/64
وأشار إليه الترمذي في كتاب الفرائض باب ما جاء في تعليم الفرائض /414 حيث ذكر سنده
ولم يذكر لفظه، والحاكم في مستدركه4/333 واللفظ له وقال: هذا حديث صحيح الإسناد
ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6/208،
والمزي بسنده العالي في تهذيب الكمال11/378، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد4/223،
رواه أبو يعلى، والترمذي وفي إسناده من لم أعرفه وفي سنده سليمان ابن جابر الهجري،
قال الذهبي في ميزان الاعتدال2/198: "شيخ ... ولا يعرف سليمان "، وقال
الحافظ بن حجر في التقريب1/322 مجهول وهذا الحديث مشهور عند الفرضيين وقد قال سبط
المارديني في شرحه على المنظومة الرحبية ص23 "وحسنه المتأخرون ".
(1/103)
المطلب
الثالث أقسام الإرث
إرث بالفرض
...
المطلب الثالث: أقسام الإرث
الإرث ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: إرث بالفرض.
القسم الثاني: إرث بالتعصيب.
* فالقسم الأول: الإرث بالفرض.
والفروض المقدرة ستة في كتاب الله، والسابع ثلث الباقي ثبت بالاجتهاد، وإليك ملخص
ذلك:
1- أصحاب النصف وهم ستة:
أ - الزوج ويستحقه بشرط واحد وهو: عدم الفرع الوارث الذي هو الابن وابن الابن وإن
نزل بمحض الذكور، والبنت وبنت الابن وإن نزل أبوها بمحض الذكور.
ب - البنت وتستحقه بشرطين وهما: عدم المعصب وهو أخوها؛ لأن وجود الابن ينقلها إلى
التعصيب. وعدم المشارك وهو أختها؛ لأن وجود بنت أخرى تنتقل هي وإياها إلى الثلثين.
ج - بنت الابن وتستحقه بثلاثة شروط وهي: عدم المعصب وهو ابن الابن. وعدم المشارك
وهي بنت الابن الأخرى. وعدم الفرع الوارث الذي هو أعلا منها من ابن فيحجبها وبنت
فتنقلها إلى السدس تكملة للثلثين.
(1/104)
د
- الأخت الشقيقة وتستحقه بأربعة شروط وهي: عدم المعصب، وهو الأخ الشقيق. وعدم
المشارك وهي الأخت الشقيقة الأخرى، وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور
الوارث من أب أو جد.
هـ - الأخت لأب وتستحقه بخمسة شروط وهي: عدم المعصب وهو الأخ لأب، وعدم المشارك
وهي الأخت لأب الأخرى. وعدم الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارث من أب أو
جد، وعدم الأخ الشقيق والأخت الشقيقة.
2- أصحاب الربع وهم اثنان:
أ - الزوج ويستحقه بشرط واحد وهو: وجود الفرع الوارث وهم الأولاد وأولاد الأبناء.
ب - الزوجة وتستحقه بشرط واحد وهو: عدم الفرع الوارث.
3- صاحب الثمن وهو واحد:
الزوجة وتستحقه بشرط واحد وهو وجود الفرع الوارث.
4- أصحاب الثلثين وهم أربعة:
أ - البنات ويستحقنه بشرطين: أن يكن اثنتين فأكثر، وعدم المعصب.
ب - بنات الابن ويستحقنه بثلاثة شروط وهي: أن يكن اثنتين فأكثر، وعدم المعصب، وعدم
الفرع الوراث الذي هو أعلا منهن.
ج - الأخوات الشقيقات ويستحقنه بأربعة شروط وهي: أن يكن اثنتين فأكثر، وعدم الفرع
الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارث.
د- الأخوات لأب ويستحقنه بخمسة شروط وهي: أن يكن اثنتين فأكثر، وعدم المعصب، وعدم
الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارث، وعدم الأخ الشقيق والأخت الشقيقة.
(1/105)
5-
أصحاب الثلث وهما اثنان:
أ - الأم وتستحقه بثلاثة شروط وهي: عدم الفرع الوارث، وعدم الجمع من الإخوة مطلقا،
وعدم كون المسألة إحدى الغراوين.
ب - الإخوة لأم ويستحقونه بثلاثة شروط وهي: وجود المشارك، وعدم الفرع الوارث، وعدم
الأصل من الذكور الوارث.
6 - أصحاب السدس وهم سبعة:
أ - الأم وتستحقه بشرط واحد وهو: وجود الفرع الوارث أو وجود الجمع من الإخوة.
ب- الأب ويستحقه بشرط واحد وهو: وجود الفرع الوارث.
ج- الجد ويستحقه بشرطين وهما: عدم الأب، ووجود الفرع الوارث.
د- بنت الابن فأكثر وتستحقه بشرطين وهما: عدم المعصب، وعدم الفرع الوارث الذي هو
أعلى منها سوى صاحبة النصف من بنت أو بنت ابن أعلى منها فإنها لا تستحق السدس إلا
معها تكملة للثلثين.
هـ- الأخت لأب فأكثر وتستحقه بشرطين وهما: عدم المعصب، وكونها مع أخت شقيقة مستحقة
للنصف فرضا.
و ولد الأم وهو الأخ لأم أو الأخت لأم ويستحقه بثلاثة شروط وهي: عدم المشارك، وعدم
الفرع الوارث، وعدم الأصل من الذكور الوارث.
ز- الجدة وتستحقه بشرط واحد وهو: عدم الأم.
وأما ثلث الباقي فتستحقه الأم في المسألتين الغراوين وهما: زوج، وأم، وأب، أو
زوجة، وأم، وأب.
(1/106)
*
وأما القسم الثاني فهو الإرث بالتعصيب.
والتعصيب ينقسم إلى قسمين:
(1/106)
القسم
الأول وهو العصبة بالنسب.
القسم الثاني وهو العصبة بالسبب.
فالقسم الأول: العصبة بالنسب ينقسم إلى أنواع ثلاثة:
1- عصبة بالنفس، وأصنافهم اثنا عشر وهم على الترتيب الآتي:
الابن، ثم ابن الابن، ثم الأب، ثم الجد، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ
الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق، ثم العم لأب، ثم ابن العم الشقيق، ثم
ابن العم لأب.
2- عصبة بالغير وأصنافهم أربعة:
أ - البنت فأكثر مع الابن فأكثر.
ب - بنت الابن فأكثر مع ابن الابن فأكثر.
ج - الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق فأكثر.
د - الأخت لأب مع الأخ لأب فأكثر.
3- عصبة مع الغير وهما صنفان:
أ - الأخت الشقيقة فأكثر مع البنت، أو بنت الابن فأكثر.
ب - الأخت لأب فأكثر مع البنت، أو بنت الابن فأكثر.
والقسم الثاني من العصبة عصبة السبب أي الولاء وهم المعتق أو المعتقة، ثم عصبتهما
المتعصبون بأنفسهم وهم الذكور فقط، وحصرهم وارد كما في القسم الأول من العصبة.
وما ذكرته هو ملخص الورثة واستحقاقهم، ومن أراد التفصيل مع التمثيل فهو موجود في
كتب الفرضيين1.
__________
1 انظر فتح القريب المجيب1/17-31، والعذب الفائض1/46-93، والفوائد الجلية ص9-16.
(1/107)
المبحث
الأول: ألفاظ الحديث وتخريجها
والحديث له لفظان وإليك تخريجهما:
اللفظ الأول:
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألحقوا
لفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" أخرجه البخاري في كتاب الفرائض باب
ميراث الولد من أبيه وأمه1، وفي باب ميراث ابن الابن إذا لم يكن ابن2، وفي باب
ميراث الجد مع الأب والإخوة3، وفي باب ابني عم أحدهما أخ للأم والآخر زوج4.
وأخرجه مسلم في كتاب الفرائض باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل
ذكر5.
وأخرجه الترمذي في كتاب الفرائض باب في ميراث العصبة6، وأخرجه النسائي في السنن
الكبرى في كتاب الفرائض باب ابنة الأخ مع أخت لأب وأم7
__________
1 صحيح البخاري12/11 ط مع الفتح.
2 صحيح البخاري12/16
3 صحيح البخاري12/18
4 صحيح البخاري12/27
5 صحيح مسلم3/1233
6 سنن الترمذي4/418
7 سنن النسائي الكبرى4/71
(1/108)
اللفظ
الثاني:
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أقسموا المال بين أهل
الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر "
أخرجه مسلم في كتاب الفرائض باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر1.
وأخرجه أبو داود في كتاب الفرائض باب في ميراث العصبة2.
وأخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض باب ميراث العصبة3.
__________
1 صحيح مسلم3/1234
2 سنن أبي داود3/319
3 سنن ابن ماجه2/915
(1/109)
المبحث
الثاني: معاني مفردات الحديث
ألحقوا: بفتح الهمزة وكسر الحاء أي أوصلوا1.
الفرائض: الألف واللام للعهد وهي الأنصباء المقدرة في كتاب الله وهي النصف،
والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس2.
بأهلها: من يستحقها بنص كتاب الله عز وجل3.
اقسموا: فعل أمر من القسم وهو فرز المال إلى أجزاء4.
المال: المراد بالمال هنا هو ما خلفه الميت.
أهل الفرائض: أي الأنصباء المقدرة في كتاب الله، والمراد بأهلها المستحقون لها بنص
القرآن5.
على كتاب الله: أي على وفق ما نزل في كتابه6.
فما بقي: أي فضل بعد إعطاء ذوي الفروض فروضهم المقدرة لهم7.
فلأولى رجل ذكر: أقرب رجل ذكر، فلأولى بفتح الهمزة واللام وبينهما واو ساكنة، أفعل
تفضيل مأخوذة من الولي بسكون اللام على وزن الرمي، وهو
__________
1 انظر مرقاة المفاتيح6/229
2 انظر إحكام الأحكام4/15، وإكمال إكمال المعلم5/560، وفتح الباري12/11
3 انظر فتح الباري12/11.
4 انظر المصباح المنير2/503
5 انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود8/104
6 انظر فتح الباري12/11
7 انظر إحكام الأحكام شرح أصول الأحكام3/230
(1/110)
القرب
أي لمن يكون أقرب في النسب. وليس المراد بأولى هنا أحق بخلاف قولهم الرجل أولى
بماله؛ لأنه لو حمل هنا على أحق لخلي عن الفائدة؛ لأنا لا ندري من هو الأحق1.
__________
1 انظر معالم السنن4/97، وشرح النووي على صحيح مسلم11/53، وفتح الباري 12/11،
والعذب الفائض1/79.
(1/111)
المبحث
الثالث: المعنى الإجمالي للحديث
اختلف شراح الحديث في المعنى الإجمالي لهذا الحديث على قولين:
القول الأول: وهو المشهور عند كثير من شراح الحديث، وممن ذكر ذلك الخطابي، وابن
بطال، والبغوي، وابن دقيق العيد، والحافظ ابن حجر، والعيني، والصنعاني، والشوكاني،
وعبد العظيم آبادي1، ونص عليه من الفرضيين الشيخ عبد الله الشنشوري، والشيخ
إبراهيم الباجوري، والشيخ العلامة صالح بن فوزان 2.
ويتلخص معنى هذا الحديث على هذا القول: اعطوا الفرائض المقدرة لمن سماها الله لهم
فما بقي بعد هذه الفروض، فيستحقه أولى الرجال أي لأقرب رجل ذكر.
القول الثاني: ذكره الحافظ ابن رجب واختاره: أن المراد بقوله عليه الصلاة والسلام
" ألحقوا الفرائض بأهلها " وقوله عليه الصلاة والسلام " اقسموا
المال بين أهل الفرائض " جملة من سماه الله في كتابه من أهل المواريث من ذوي
الفروض والعصبات كلهم فإن كل ما يأخذه الورثة فهو فرض فرضه الله لهم سواء كان
مقدرا أو غير مقدر كما قال بعد ذكر ميراث الوالدين، والأولاد {فَرِيضَةً مِنَ
اللَّهِ} 2 وفيهم ذو فرض وعصبة، وكما قال {لِلرِّجَالِ
__________
1 انظر: معالم السنن 4/97؛ وشرح صحيح البخاري لابن بطال 8/348، وشرح السنة 8/326؛
وإحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 4/16؛ وفتح الباري 12/11؛ وعمدة القارئ شرح صحيح
البخاري 23/326؛ وسبل السلام 3/149، 150؛ ونيل الأوطار 5/170، وعون المعبود 8/104.
2 سورة النساء الآية 11
(1/112)
نَصِيبٌ
مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ
الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً
مَفْرُوضاً} 1.
وهذا يشمل العصبات وذوي الفروض فذلك قوله " اقسموا الفرائض بين أهلها على
كتاب الله " يشمل قسمته بين ذوي الفروض والعصبة على ما في كتاب الله، فإن قسم
على ذلك، ثم فضل منه شيء فتخص الفاضل أقرب الذكور من الورثة، ولذلك إذا لم يوجد في
كتاب الله تصريح بقسمته بين من سماه الله من الورثة فيكون المال حينئذ لأولى رجل
ذكر منهم، فهذا الحديث مبين لكيفية قسمة المواريث المذكورة في كتاب الله بين
أهلها، ومبين لقسمة ما فضل من المال عن تلك القسمة مما لم يصرح به في القرآن من
أحوال أولئك الورثة، وأقسامهم، ومبين أيضا لكيفية توريث بقية العصبات الذين لم
يصرح بتسميتهم في القرآن. فإذا ضم هذا الحديث إلى آيات القرآن انتظم ذلك كله معرفة
قسمة المواريث بين جميع ذوي الفروض والعصبات، وذكر هذا المعنى الحافظ ابن رجب
واختاره 2. وأشار إليه ابن قيم الجوزية وهو مقتضى ما ذهب عليه الطحاوي، وابن التين
2.
والفرق بين المعنيين أنه على المعنى الأول فالحديث دخله التخصيص حيث خص منه العصبة
بالغير، والعصبة مع الغير. وعلى المعنى الثاني فالحديث ليس فيه تخصيص؛ لأن أول
الحديث " ألحقوا الفرائض بأهلها " يدخل فيه الفروض المقدرة في كتاب
الله، والعصبة بالغير، والعصبة مع الغير، والمراد بآخر الحديث بقية العصبات، والله
أعلم بالصواب.
__________
1 سورة النساء الآية 7
2 انظر جامع العلوم والحكم3/256-276.
(1/113)
المبحث
الرابع الحكمة في تقييد الرجل كونه ذكرا
...
المبحث الرابع: الحكمة في تقييد الرجل بكونه ذكرا
اختلف العلماء في الحكمة في تقييد الرجل بكونه ذكرا على عدة أقوال إليك بيانها:-
القول الأول:
أنه لما كان الرجل يطلق في مقابلة المرأة، والصبي، جاءت الصفة لبيان أنه في مقابلة
المرأة. وممن ذكر ذلك الشيخ زكريا الأنصاري، والشيخ منصور البهوتي، والشيخ إبراهيم
بن سيف1.
القول الثاني:
أنه قد يطلق الرجل ويراد به الشخص، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم " من
أدرك ماله بعينه عند رجل، أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره " 2, ولا فرق
بين أن يجده عند رجل، أو امرأة فتقييده بالذكر ينفي هذا الاحتمال، وتخلصه للذكر
دون الأنثى وهو المقصود. وممن ذكر ذلك الحافظ ابن رجب3.
__________
1 انظر فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام للشيخ زكريا الأنصاري ص499،
ونهاية الهداية شرح كفاية الحفاظ1/203، 204، وكشاف القناع4/471؛ والعذب
الفائض1/79.
2 أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض باب إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض
والوديعة فهو أحق به5/62، ومسلم في كتاب المساقاة باب من أدرك ما باعه عند المشتري
وقد أفلس فله الرجوع منه3/1193.
3 انظر جامع العلوم والحكم3/276.
(1/114)
القول
الثالث:
التنبيه على سبب استحقاقه وهو الذكورة التي هي سبب العصوبة، وسبب الترجيح في
الإرث، ولهذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين. وممن ذكر ذلك الشيخ محمد المازري،
والقاضي عياض، والنووي1.
القول الرابع:
لبيان أن الإحاطة بالميراث إنما يكون للذكر دون الإناث إجماعا، والذي يقول ترث
الابنة جميع المال النصف بالميراث، والنصف بالرد إنما هو شيئان في كل واحد منهما
لا يحيط بالميراث، وإنما تكون الإحاطة بالسبب الواحد، وليس ذلك إلا للذكر فلأجل
هذا نبه عليه بكونه ذكرا. وممن ذكر ذلك ابن العربي2.
القول الخامس:
إنما كرر للبيان في نعته بالذكورة؛ ليعلم أن العصبة إذا كان عما أو ابن عم مثلا،
وكان معه عمة أو بنت عم أنها لاترث، ولا يكون المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
وممن ذكر ذلك الخطابي3.
القول السادس:
أنه للتأكيد، وبه قال ابن التين والصنعاني4.
القول السابع:
أنه احتراز من الخنثى؛ لأن الخنثى لا يحوز المال إذا انفرد، نقله جمع منهم
__________
1 انظر المعلم بفوائد مسلم2/221، وإكمال المعلم بفوائد مسلم5/328، 329، وشرح صحيح
مسلم للنووي11/53، وانظر فتح الباري12/13
2 انظر عارضة الأحوذي8/246، 247.
3 نقله عنه الحافظ ابن حجر في الفتح12/12.
4 انظر فتح الباري12/12، وسبل السلام3/149
(1/115)
ابن
الأثير، والحافظ ابن حجر1.
القول الثامن:
أنه لبيان أن العاصب يرث صغيرا كان أو كبيرا بخلاف عادة الجاهلية إذ لا يورثون إلا
الرجل الكبير. وممن نقل ذلك الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي، والشيخ عبد الرحمن بن
محمد بن قاسم2.
القول التاسع:
فقوله أولى رجل ذكر يريد القريب في النسب الذي قرابته من قبل رجل وصلب لا من قبل
بطن رحم، فالأولى هنا هو ولي الميت فهو مضاف إليه في المعنى دون اللفظ، وهو في
اللفظ مضاف إلى النسب وهو الصلب، فعبر عن الصلب بقوله: " أولى رجل "؛
لأن الصلب لا يكون إلا رجلا فأفاد بقوله:" لأولى رجل " نفي الميراث عن
الأولى الذي هو من قبل الأم كالخال، وأفاد بقوله:" ذكر" نفي الميراث عن
النساء، وإن كن من المدلين إلى الميت من قبل صلب، لأنهن إناث3. وإليه ذهب السهيلي
رحمه الله وقرر في كتابه كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية أن ما ذكره يزيل الإشكال
الوارد على الحديث، ثم قال رحمه الله: وسبب الإشكال من وجهين: أحدهما أنه لما كان
مخفوضا ظن نعتا لرجل، ولو كان مرفوعا لم يشكل، كأن يقال فوارثه أولى رجل ذكر.
والثاني: أنه جاء بلفظ أفعل، وهذا الوزن إذا أريد به التفضيل كان بعض ما يضاف إليه
كفلان أعلم إنسان فمعناه أعلم الناس فتوهم أن المراد بقوله " أولى رجل "
أولى الرجال وليس كذلك، وإنما هو أولى الميت بإضافة
__________
1 انظر النهاية في غريب الحديث2/164، وفتح الباري12/12.
2 انظر فتح المنعم ببيان ما احتيج إليه من زاد المسلم1/50، وأحكام الأحكام شرح
أصول الأحكام3/230.
3 انظر كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية ص85، 86
(1/116)
النسب
وأولى صلب بإضافته كما تقول: هو أخوك أخو الرخاء لا أخو البلاء. قال: فالأولى في
الحديث كالولي1.
الموازنة بين هذه الأقوال
في النظر في هذه الأقوال أجد ما يأتي:
1- أنه ورد على القول الخامس ما ذكره الحافظ ابن حجر بقوله: وتعقب بأن هذا ظاهر من
التعبير بقوله " رجل " والإشكال باق إلا أن كلامه بنحل إلى أنه
للتأكيد2.
2- أنه ورد على القول السادس ما ذكره القرطبي بما خلاصته: " قيل للتأكيد
اللفظي ورد بأن العرب إنما تؤكد حيث يفيد فائدة إما تعين المعنى في النفس وإما رفع
توهم المجاز، وليس ذلك موجودا هنا "3.
3- ورد على القول التاسع ما قاله الحافظ ابن رجب حيث بقول: " وللسهيلي كلام
على هذا الحديث فيه تكلف وتعسف شديد ولا طائل تحته وقد رده عليه جماعة ممن
أدركناهم والله أعلم "4.
وقال الحافظ ابن حجر بعد ذكره كلام السهيلي ما نصه: " ولا يخلو من استغلاق
" 5.
وقال أيضا: "وقد أوردته كما وجدته ولم أحذف منه إلا أمثلة أطال بها وكلمات
طويلة تبجح بها بسبب ما ظهر له من ذلك والعلم عند الله تعالى"6.
__________
1 انظر كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية ص86، وفتح الباري12/12.
2 فتح الباري12/12.
3 انظر المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم4/565، 566، وفتح الباري12/12.
4 جامع العلوم والحكم3/276.
5 انظر فتح الباري12/12.
6 فتح الباري 12/13.
(1/117)
4-
قلت: يرد على القول السابع ما ورد على القول الخامس؛ لأن كلمة رجل يخرج بها
الخنثى، والله أعلم بالصواب.
5- أن القول الثالث والرابع بينهما تقارب من جهة أن كلا من القولين يدل على
التنبيه على سبب استحقاقه وهو كونه ذكرا؛ ولهذا فإنه إذا انفرد حاز جميع المال دون
الإناث.
6- أن القول الأول يدل على نفي أن يكون الرجل في مقابلة الصبي، وهذا هو مضمون
القول الثامن.
7- أن القول الثاني يدل على نفي أن يكون المراد بالرجل الشخص فلا تدخل المرأة في
مضمون كلمة رجل.
وبهذا ظهر لي رجحان ما ذهب إليه أصحاب القول الأول والثاني والثالث والرابع. وعلى
هذا تتلخص الحكمة في تقييد الرجل بكونه ذكرا في حكم ثلاث:
الحكمة الأولى: أنه لما كان الرجل يطلق في مقابلة المرأة والصبي، جاءت الصفة لبيان
أنه في مقابلة المرأة وأنه لا فرق بين الصبي والبالغ، وهذا هو القول الأول وهو
مضمون القول الثامن.
الحكمة الثانية: أنه قد يطلق الرجل ويراد به الشخص فيدخل في مضمونه المرأة فتقييده
بالذكر ينفي هذا الاحتمال ويخلصه للذكر دون الأنثى، وهذا هو القول الثاني.
الحكمة الثالثة: التنبيه على سبب استحقاقه وهو الذكورية التي هي سبب العصوبة وسبب
الترجيح في الإرث، ولهذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وأيضا التنبيه على أن الإحاطة
بالميراث إنما يكون للذكر دون الإناث، وهذا هو مضمون القول الثالث والرابع. هذا ما
ظهر لي، والعلم عند الله عز وجل.
(1/118)
المبحث
الخامس الأحكام المستنبطة من الحديث
مدخل
...
المبحث الخامس: الأحكام المستنبطة من الحديث
تقدم في المقدمة أن هذا الحديث جامع لقواعد الفرائض التي هي نصف العلم. وحيث إن
كثيرا من العلماء قد استنبطوا من هذا الحديث أحكاما كثيرة في علم الفرائض، وحيث إن
الأحكام المستنبطة قد تكون محل اتفاق بين الأئمة الأربعة، وبعضها محل خلاف بين
العلماء رأيت تقسيمها إلى ثلاثة أقسام وجعلت كل قسم مطلبا وذلك على النحو التالي:
المطلب الأول: الأحكام المتفق عليها بين الأئمة الأربعة من الحديث.
المطلب الثاني: الأحكام الراجحة من الحديث.
المطلب الثالث: الأحكام المرجوحة من الحديث.
(1/119)
المطلب
الأول: الأحكام المتفق عليها بين الأئمة الأربعة من الحديث
قد استنبط العلماء رحمهم الله عدة أحكام من هذا الحديث، وأذكر في هذا المطلب
الأحكام التي اتفق الأئمة الأربعة عليها، وهي على النحو التالي:
الحكم الأول: إذا اجتمع ذو فرض وعصبة بدئ بذي الفرض فأخذ فرضه وما بقي للعصبة،
وهذا الحكم محل إجماع بين أهل العلم، فقد قال ابن بطال: " وأجمعوا أن ما فضل
من المال عن أصحاب الفرائض فهو للعصبة"1. وقال النووي: "وقد أجمع
المسلمون على أن ما بقي بعد الفروض فهو للعصبات يقدم الأقرب فالأقرب"2. وحكاه
أيضا الشيخ الفرضي عبد الله بن محمد
__________
1 شرح صحيح البخاري لابن بطال8/365.
2 شرح صحيح مسلم11/53.
(1/119)
الشنشوري1.
الحكم الثاني: إذا اجتمع أكثر من عاصب يكون التعصيب للأقرب، وهذا محل إجماع بين
العلماء وممن حكى الإجماع النووي2، والشارح شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر بن
قدامة3. وقد قال المازري في أثناء كلامه على طبقات العصبة ما نصه: " وإن
اختلفوا وهم في طبقة واحدة من الطبقات التي ذكرنا، وهم مختلفون في القرب فالأقرب
أولى كالإخوة مع بنيهم؛ لأنهم كلهم يتسببون بالمشاركة في الأبوة، ولكن مشاركة
الإخوة أقرب من مشاركة بنيهم، وكذلك العمومة مع بنيهم، وإن تساووا في الطبقة
والقرب ولأحدهم زيادة ترجيح قدم الأرجح كالأخ الشقيق مع الأخ لأب؛ فإنهما وإن
استوت طبقاتهما ومشاركتهما في الأب الذي به يقع التعصيب فللشقيق زيادة ترجيح
بمشاركته في الأم والرحم فكان أولى، وهكذا يجري الأمر في بنيهم، وهكذا وفي العمومة
وبنيهم، وهكذا إذا كان الترجيح بمعنى مناسب لجهة التعصيب مثل ما قلناه في الأخ
الشقيق مع الأخ لأب فإن الإجماع4على أن الشقيق أولى بالميراث من الأخ للأب؛ لأنهما
اشتركا في الإخوة من الأب وزاد الشقيق أخوة من الأم فهي إخوة كلها فكان أخوة أقوى
من أخوة؛ فلهذا قدم الشقيق باتفاق. انتهى كلام المازري رحمه الله5.
__________
1 الفوائد الشنشورية ص104.
2 انظر شرح صحيح مسلم11/53.
3 انظر الشرح الكبير على المقنع4/28
4 ممن حكى الإجماع الموفق بن قدامة في المغني9/22،23، وقال الحافظ ابن عبد البر في
الاستذكار15/415:" لا خلاف علمته بين علماء السلف والخلف من المسلمين أن
الإخوة للأب والأم يحجبون الإخوة للأب عن الميراث ".
5 المعلم بفوائد صحيح مسلم2/220.
(1/120)
قلت:
ومقصود المازري بطبقات العصبة هي ما اشتهر عند الفرضيين بالجهات.
وجهات العصبة على القول الراجح خمس جهات مجموعة في بيت واحد وهو:
جهاتهم بنوة أبوة ... أخوة عمومة ذو النعمة1
فالمراد بالبنوة الابن وابن الابن وإن نزل بمحض الذكور. والمراد بالأبوة الأب
والجد، وإن علا بمحض الذكور. والمراد بالأخوة الإخوة الأشقاء والإخوة لأب وبنوهم
وإن نزلوا بمحض الذكور. والمراد بالعمومة العم الشقيق والعم لأب وأبنائهما، وإن
نزلا بمحض الذكور. والمراد بذي النعمة عصبة الولاء.
فإذا اجتمع أكثر من عاصب فيقدم الأقدم جهة على ما تقدم في البيت السابق فالابن
مقدم على الأخ الشقيق؛ لأنه أقدم جهة. والأخ الشقيق مقدم على العم الشقيق، لأنه
أقدم جهة. فإذا اتفق العصبة في الجهة ننظر إلى الدرجة فالأرفع درجة يقدم على
الأنزل درجة فالابن مقدم على ابن الابن؛ لأنه أرفع درجة، والأب مقدم على الجد؛
لأنه أرفع درجة للميت. والأخ الشقيق مقدم على ابن الأخ الشقيق؛ لأنه أرفع درجة،
وهذا هو المعروف عند الفرضيين بالقرب أي قرب الدرجة. فإذا اتفق العصبة في الجهة
والدرجة يقدم الأقوى، فالأخ الشقيق مقدم على الأخ لأب؛ لأنه أقوى. وابن الأخ
الشقيق يقدم على ابن الأخ لأب؛ لأنه أقوى. والعم الشقيق يقدم على العم لأب وهكذا2.
وقد جمع هذه القاعدة الشيخ صالح الجعبري رحمه الله في منظومته نظم اللالئ حيث
يقول:
بالجهة التقديم ثم بقربه ... وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا3
__________
1 هذا البيت زاده بعض الفرضيين على القلائد البرهانية. انظر القلائد البرهانية ص3.
2 انظر الفوائد الجلية ص15، وتسهيل الفرائض ص58-60.
3 نظم اللالئ لوحة7
(1/121)
ومعنى
كلام الناظم تقدم شرحه قريبا بالتفصيل مع التعليل وخلاصته أنك تقدم أولا الأقدم
جهة، فإذا استووا في الجهة تقدم الأقرب وهو الأرفع درجة، ثم إذا استووا في الجهة
والدرجة تقدم الأقوى. وبنحو هذا البيت قال الشيخ محمد البرهاني في منظومته القلائد
البرهانية:
فابدأ بذي الجهة ثم الأقرب ... وبعد بالقوة فاحكم تصب1
الحكم الثالث: دل عموم قوله عليه الصلاة والسلام فلأولى رجل ذكر على أن الأخ
الشقيق، والأخ لأب، وابناهما، والعم الشقيق، والعم لأب، وابناهما من الورثة2،
وكونهم من الورثة محل إجماع بين أهل العلم حكاه الشيخ عبد الله بن إبراهيم الخبري،
والشيخ محفوظ بن أحمد الكلوذاني أبو الخطاب، والموفق بن قدامة، والشيخ العلامة
يحيى النووي، والشيخ الفرضي أحمد بن محمد بن الهائم، والشيخ الفرضي عبد الله
الشنشوري، والشيخ الفرضي إبراهيم بن سيف3.
الحكم الرابع: دل الحديث على أن الأب يأخذ الباقي بعد السدس لأن الأب أولى رجل بعد
الابن وابنه؛ وذلك في حالة وجود فرع وارث أنثى وفضل فاضل بعد سدس الأب وبقية
الفروض الموجودة في المسألة، وكذلك الجد إذا لم يوجد الأب يأخذ الباقي بعد السدس4.
وهذا محل إجماع بين أهل العلم حكاه الموفق بن قدامة، والشارح عبد الرحمن بن أبي
عمر بن قدامة5.
__________
1 انظر القلائد البرهانية مع شرحها المختصر المسمى وسيلة الراغبين ص 22، 23.
2 انظر الشرح الكبير على المقنع4/3؛ وكشاف القناع4/449.
3 انظر التلخيص في علم الفرائض1/60؛ والتهذيب ص51؛ والمغني9/63؛ وروضة
الطالبين6/4؛ والفصول المهمة في علم مواريث الأمة ص59؛ والفوائد الشنشورية ص65-69؛
والعذب الفائض1/42، 43.
4 انظر كشاف القناع4/451؛ والعذب الفائض1/80.
5 انظر المغني9/20؛ والشرح الكبير على المقنع4/4.
(1/122)
الحكم
الخامس: دل مفهوم الحديث على أنه إذا لم يوجد صاحب فرض فالمال كله للعصبة الأقرب
فالأقرب1. وقد قال الحافظ ابن حجر: " واستدل به البخاري على أن ابن الابن
يحوز المال إذا لم يكن دونه ابن وعلى أن الجد يرث جميع المال إذا لم يكن دونه أب
"2. وكون العاصب إذا انفرد يحوز جميع المال محل إجماع بين أهل العلم حكاه
الشيخ زكريا الأنصاري، والشيخ عبد الله الشنشوري، والشيخ إبراهيم بن سيف3.
الحكم السادس: دل الحديث بمفهومه على أن العاصب يسقط لاستغراق فروض المسألة4.
لم أقف على خلاف أهل العلم في هذا الحكم إلا ما سيأتي ذكره إن شاء الله في المسألة
المشركة في المطلب الثاني من هذا المبحث. وأيضا فإن الشيخ صالح بن حسن البهوتي في
ألفيته في الفرائض، والشيخ إبراهيم بن سيف في شرحه لهذه الألفية لم يذكرا في هذا
الحكم خلافا بين الأئمة الأربعة5.
الحكم السابع: دل الحديث على أنه لو ماتت امرأة عن زوجها وأخيها لأم وهما ابنا
عمها6على أن الزوج له النصف، والأخ لأم له السدس، وما بقي بينهما على السوية.
__________
1 انظر بهجة قلوب الأبرار لابن سعدي ص129.
2 انظر فتح الباري12/14.
3 انظر نهاية الهداية1/206؛ والفوائد الشنشورية ص104؛ والعذب الفائض1/79.
4 انظر كشاف القناع4/471.
5 انظر عمدة كل فارض ألفية الفرائض مع شرحها العذب الفائض1/79.
6 صورة المسألة أن رجلا تزوج امرأة فأتت منه بابن، ثم تزوج أخرى فأتت منه بآخر، ثم
فارق الثانية فتزوجها أخوه فأتت منه ببنت فهي أخت الثاني لأمه وابنة عمه فتزوجت
هذه البنت الابن الأول وهو ابن عمها، ثم ماتت عن ابني عمها الذي هو أحدهما زوج
والآخر أخ لأم. انظر فتح الباري12/27.
(1/123)
وجه
الاستدلال من الحديث: أنهما قد استويا فيه إذ وجد في كل واحد منهما الذكورة
والتعصيب وليس أحدهما أولى من الآخر. وقد استدل البخاري في هذه المسألة بهذا
الحديث على أنهما يستويان في التعصيب1. وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة2.
وقد روي عن عمر، وعبد الله بن مسعود، وشريح، والحسن البصري، ومحمد ابن سيرين، وهو
مذهب الظاهرية إلى أن الباقي للأخ الذي هو أخ لأم؛ لأنه أقرب فيدخل في عموم قوله
عليه الصلاة والسلام " فهو لأولى رجل ذكر".
والجواب عنه أن هناك فرقا بين الأخ الشقيق مع الأخ لأب؛ وذلك من طريق الترجيح؛ لأن
الشرط فيهما أن يكون فيه معنى مناسب لجهة التعصيب؛ لأن الشقيق شارك أخاه في جهة
القرب المتعلق بالتعصيب بخلاف الصورة المذكورة3.
الحكم الثامن: دل الحديث على ثبوت العول4 في مسائل الفرائض، ووجه الاستدلال به أن
الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإلحاق الفرائض بأهلها ولم يخص بعضهم دون بعض 5؛
وجزم بعض العلماء أن هذه المسألة من مسائل الإجماع6.
__________
1 انظر شرح صحيح البخاري لابن بطال8/360، 361.
2 انظر: الاختيار لتعليل المختار 5/91؛ والإشراف على مسائل الخلاف 2/332؛ والمهذب
2/31؛ والمغني 9/30-34.
3 انظر شرح صحيح البخاري لابن بطال8/360، والتلخيص في الفرائض1/157؛ وفتح
الباري12/28؛ والمحلي 10/394, 395.
4 العول في اللغة له معان منها الزيادة والارتفاع، ومنها الميل.
وفي الاصطلاح: زيادة في السهام ونقص في الأنصباء. انظر المصباح المنير2/438، وعدة
الباحث ص46.
5 انظر نهاية الهداية شرح كفاية الحفاظ2/50، والعذب الفائض1/163.
6 انظر المغني9/30، وفتح القريب المجيب1/39،40، والعذب الفائض1/163،164،
والتحقيقات المرضية ص162،163.
(1/124)
المطلب
الثاني: الأحكام الراجحة من الحديث
خصصت هذا المطلب في ذكر الأحكام المستنبطة من الحديث، والتي ترجح فيها عند أهل
التحقيق من العلماء ما تضمنه هذا الحديث وإليك بيانها:
الحكم الأول: سقوط الإخوة الأشقاء في المسألة المشركة1. والمسألة المشركة ما توفر
فيها أربعة أركان:
1- أن يكون فيها زوج
2- أن يكون فيها ذات سدس من أم أو جدة.
3- أن يكون فيها جمع من الإخوة لأم اثنان فأكثر.
4- أن يكون فيها أخ شقيق فأكثر ذكور فقط أو ذكور وإناث2.
ووجه الاستدلال بهذا الحديث هو أنه إذا أخذ الزوج النصف والأم أو الجدة السدس
والإخوة لأم الثلث فقد استكملت فروض المسألة ولم يبق شيء للعصبة، والإخوة الأشقاء
عصبة فيسقطون3، وإلى هذا ذهب الحنفية4 والحنابلة5. واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية
وتلميذه العلامة بن قيم الجوزية6.
واستدلوا أيضا بقوله تعالى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ
وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ
__________
1 الشرح الكبير على المقنع4/31، والعذب الفائض1/102.
2 انظر: الفوائد الشنشورية ص126، والعذب الفائض1/101.
3 انظر: العذب الفائض1/102، والتحقيقات المرضية ص128.
4 انظر: الاختيار 5/127؛ ومجمع الأنهر 2/756.
5 انظر: الواضح في شرح مختصر الخرقي 3/268-269؛ والروض المربع في شرح زاد المستقنع
2/255.
6 انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية31/338 -342، وإعلام الموقعين1/355-357.
(1/125)
فَلِكُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ
شُرَكَاءُ فِي الثُّلُث} 1.
وجه الاستدلال بهذه الآية أن المراد بالإخوة في هذه الآية الإخوة لأم2 فمن شرك
بينهم فلم يعط كل واحد منهما السدس، وهو مخالف لظاهر القرآن، ويلزم منه مخالفة
ظاهر الآية الأخرى وهي قوله تعالى {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً
فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} 3 يراد بالإخوة في هذه الآية الإخوة
الأشقاء، أو الإخوة لأب4، وهم يسوون بين ذكرهم وأنثاهم؛ حيث يعطون الأخ الشقيق مثل
الأخت الشقيقة مساواة مع الأخ لأم والأخت لأم باعتبار أن أمهم واحدة 5.
القول الثاني: إن الإخوة الأشقاء يشتركون مع الإخوة لأم في الثلث وإليه ذهب
المالكية6 والشافعية7.
وقد استدلوا على ذلك بما يأتي:
__________
1 سورة النساء الآية 12
2 قد أجمع العلماء على ذلك وممن حكى الإجماع ابن المنذر في كتابه الإجماع ص82،
والموفق ابن قدامة في المغني9/7، وابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين1/355، وسبط
المارديني في شرحه على الفصول المهمة لوحة 11، 12.
3 سورة النساء الآية 176
4 وقد أجمع العلماء على ذلك وممن حكى الإجماع ابن المنذر في كتابه الإجماع ص82؛
والموفق بن قدامة في المغني9/16، 17، والشيخ عبد الله الشنشوري في الفوائد
الشنشورية ص77، والشيخ عثمان بن أحمد بن سعيد بن قائد النجدي في شرحه على المنظومة
اللامية في الفرائض ص96، 97.
5 انظر المغني9/25؛ والشرح الكبير على المقنع4/31؛ وفتح القريب المجيب 1/60.
6 انظر الإشراف على مسائل الخلاف2/333؛ والشرح الكبير على مختصر خليل4/415.
7 انظر التلخيص في الفرائض1/153، 154، والمهذب 2/31.
(1/126)
الدليل
الأول: أنها فريضة جمعت ولد الأبوين وولد الأم وهم من أهل الميراث فإذا ورث ولد الأم
ورث ولد الأبوين، كما لو لم يكن فيها زوج1.
الدليل الثاني: أن الإرث موضوع على تقديم الأقوى على الأضعف وأدنى أحوال الأقوى
مشاركته للأضعف، فليس في أصول الميراث سقوط الأقوى بالأضعف، وولد الأب والأم أقوى
من ولد الأم لمساواتهم لهم في إدلائهم بالأم وزيادتهم بالأب فإذا لم يزدهم الأب
قوة لم يضعفهم وأسوأ الأحوال أن يكون وجوده كعدمه2.
والجواب عن الدليل الأول: أنه قياس مع الفارق؛ وذلك أنه إذا لم يكن فيها زوج يبقى
لهم باق فيأخذونه، وأما في هذه فقد استغرقت فروض المسألة، فلا يستحقون شيئا.
والجواب عن الدليل الثاني: أن هذا الكلام استحسان، لكنه استحسان يخالف الكتاب
والميزان؛ فإنه ظلم للإخوة من الأم حيث يؤخذ حقهم ويعطاه لغيرهم3. وقد قال العلامة
ابن قيم الجوزية ما نصه: "فإن قيل الأب إن لم ينفعهم لم يضرهم، قيل: بل قد
يضرهم كما ينفعهم؛ فإن ولد الأم لو كان واحدا وولد الأبوين مائة وفضل نصف سدس
انفرد ولد الأم بالسدس واشترك ولد الأبوين في نصف السدس فهلا قبلتم قولهم ههنا: هب
أن أبانا كان حمارا؟ وهلا قدرتم الأب معدوما فخرجتم عن القياس كما خرجتم عن النص؟
وإذا جاز أن ينقصهم الأب جاز أن يحرمهم، وأيضا فالقرابة المتصلة الملتئمة من الذكر
والأنثى لا تفرق أحكامه، هذه قاعدة النسب في الفرائض وغيرها، فالأخ من
__________
1 انظر فتح القريب المجيب1/61، والعذب الفائض1/102.
2 انظر فتح القريب المجيب1/61، والعذب الفائض1/102.
3 انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية31/342؛ وإعلام الموقعين1/357.
(1/127)
الأبوين
لا نجعله كأخ من أب وأخ من أم فنعطيه السدس فرضا بقرابة الأم والباقي تعصيبا
بقرابة الأب1.
الحكم الثاني: أن الجد يحجب الإخوة الأشقاء أو لأب حجب حرمان2.
وجه الاستدلال بهذا الحديث على هذا الحكم أن الجد أولى من الإخوة الأشقاء أو لأب
بدليل المعنى والحكم.
أما المعنى فإن له قرابة إيلاد وبعضية كالأب. وأما الحكم فإن الفروض إذا ازدحمت
سقط الأخ دونه ولا يسقطه أحد إلا الأب، والأخ والأخوات يسقطون بثلاثة3 وهم الابن
وابن الابن والأب.
وإلى هذا القول ذهب الإمام أبو حنيفة 4 وهو المفتى به عند الحنفية5، والإمام أحمد
في رواية اختارها جمع من أصحاب مذهبه منهم الآجري، وأبو حفص العكبري، وأبو حفص
البرمكي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن قيم الجوزية، وابن قاضي
الجبل، والشيخ على بن سليمان المرداوي، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وأولاده،
وأحفاده، وهو المفتى به في البلاد السعودية في الوقت الحاضر6، واختاره من الشافعية
المزني، وابن سريج،
__________
1 إعلام الموقعين1/356.
2 انظر شرح ابن بطال على صحيح البخاري8/353، والمغني9/66؛ والشرح الكبير على
المقنع4/5.
3 انظر المغني9/66، والشرح الكبير على المقنع4/5.
4 انظر الاختيار5/101.
5 انظر شرح خلاصة الفرائض ص26
6 انظر المغني9/66، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية31/342،343، وإعلام
الموقعين1/378، والإنصاف7/305، 306، والدرر السنية في الأجوبة النجدية5/302،
وفتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ9/252، والسبيل في معرفة الدليل2/83،
84، والفوائد الجلية ص 21، 22
(1/128)
وابن
اللبان1. وإليه ذهب ابن جرير الطبري، وإسحاق بن راهويه، وأبوثور، والظاهرية2.
واستدلوا أيضا: أن الجد أب فيحجب الإخوة الأشقاء أو لأب ودليل كونه أبا قوله
تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} 3، وقول يوسف: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ
آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} 4. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ارموا
بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا " 5.
القول الثاني: أن الإخوة الأشقاء أو لأب يرثون مع الجد، وإليه ذهب المالكية6،
والشافعية7، والإمام أحمد في الصحيح من مذهبه8، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن
الشيباني9.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
الدليل الأول: هذا الحديث.
ووجه الاستدلال منه أن الأخ أولى؛ لأنه أقرب إلىالميت بدليل أنه
__________
1 انظر التلخيص في الفرائض1/184، 185.
2 انظر التلخيص في الفرائض1/184، 185، والشرح الكبير على المقنع4/5،
والمحلى10/364-375، والعذب الفائض1/106.
3 سورة الحج الآية 78
4 سورة يوسف الآية 38
5 أخرجه البخاري في كتاب الجهاد باب التحريض على الرمي6/91، وابن ماجه في كتاب
الجهاد باب الرمي في سبيل الله2/941، والإمام أحمد في مسنده4/50
6 انظر الكافي لابن عبد البر2/1059، 1060، والقوانين الفقهية ص257.
7 انظر الأم2/81، ونهاية الهداية1/352، 353.
8 انظر شرح الزركشي على مختصر الخرقي3/28، والإنصاف7/305.
9 انظر مجمع الأنهر2/757، والدر المختار شرح تنوير الأبصار6/781.
(1/129)
ينفرد
بالولاء لقربه1.
الدليل الثاني: أن الأخ يعصب أخته كالابن بخلاف الجد فكان أقوى2.
الدليل الثالث: أن فرع الأخ وهو ابن الأخ يسقط فرع الجد وهو العم وقوة الفرع تدل
على قوة الأصل3.
والجواب عن الدليل الأول: ما قاله ابن قيم الجوزية حيث يقول: " فإن كان الأخ
أولى رجل ذكر فهو أحق بالباقي، وإن كانا سواء في الأولوية وجب اشتراكهما فيه، وإن
كان الجد أولى -وهو الحق الذي لا ريب فيه- فهو أولى به، وإذا كان الجد أولى رجل
ذكر وجب أن ينفرد بالباقي بالنص "4.
والجواب عن الدليل الثاني: ما قاله الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه
الله: " ليس تعصيب كل من الابن والأخ لأخته هو علة إرثه حتى يوجب عدم سقوطه؛
بل موجب إرث كل منهما هو البنوة في الأول والأخوة في الثاني، والله أعلم " 5
والجواب عن الدليل الثالث: أن هذا التعليل غير وجيه؛ وذلك أن الأب فرع للجد وهو
يحجب الإخوة وقد قال العلامة ابن قيم الجوزية ما نصه: " أن نسبة ابن الأخ إلى
الأخ كنسبة أب الجد إلى الجد، فإذا قال الأخ: أنا أرث مع الجد؛ لأني ابن أب الميت
والجد أبو أبيه فكلانا في القرب إليه سواء، صاح ابن الأخ مع أب الجد وقال: أنا ابن
ابن أب الميت فكيف حرمتوني مع أبي أبي أبيه ودرجتنا واحدة؟ وكيف سمعتم قول أبي مع
الجد ولم تسمعوا قولي مع أبي الجد؟
__________
1 انظر شرح صحيح البخاري لابن بطال8/353.
2 انظر العذب الفائض1/107.
3 انظر العذب الفائض1/107.
4 إعلام الموقعين1/382.
5 التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية ص140.
(1/130)
فإن
قيل: أبو الجد جد وإن علا، وليس ابن الأخ أخا. قيل: فهذا حجة عليكم؛ لأنه إذا كان
أبو الأب أبا وأبو الجد جدا فما للإخوة ميراث مع الأب بحال. فإن قلتم: نحن نجعل
أبا الجد جدا، ولا نجعل أبا الأب أبا. قيل: هكذا فعلتم وفرقتم بين المتماثلين
وتناقضتم أبين تناقض وجعلتموه أبا في موضع وأخرجتموه عن الأبوة في موضع "1.
الحكم الثالث: القول بالرد2.
ووجه الاستدلال بهذا الحديث على هذا الحكم ما قاله الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر
السعدي في أثناء شرحه لهذا الحديث: " وكذلك يدل على أنه إذا لم يوجد إلا
أصحاب الفروض، ولم يوجد عاصب فإنه يرد عليهم على قدر فروضهم كما تعال عليهم؛ لأن
من حكمة فرض الفروض وتقديرها أن تبقى البقية للعاصب، فإذا لم يوجد رد على
المستحقين لعدم المزاحم "3.
وإليه ذهب الحنفية4، والحنابلة5، وكذا الشافعية بشرط عدم انتظام بيت المال6،
ومتأخرو المالكية بشرط عدم انتظام بيت المال7.
__________
1 إعلام الموقعين1/375.
2 الرد في اللغة له معان منها الانصراف والرجوع. انظر مختار الصحاح ص239. والرد في
الاصطلاح: صرف الباقي عن الفروض على ذوي الفروض النسبية بقدر فروضهم عند عدم عصبة
مستغرقة. انظر شرح خلاصة الفرائض ص58.
3 انظر بهجة قلوب الأبرار ص129.
4 انظر شرح السراجية ص 11 وشرح خلاصة الفرائض ص58.
5 انظر شرح الزركشي على مختصر الخرقي3/19، والإنصاف7/317.
6 انظر الفصول المهمة في علم مواريث الأمة ص57، والفوائد الشنشورية مع حاشية
الباجوري عليها ص217.
7 انظر فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك2/373.
(1/131)
واستدلوا
أيضا بقوله تعالى {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي
كِتَابِ اللَّه} 1.
ووجه الاستدلال: أن أصحاب الرد قد ترجحوا بالقرب إلى الميت فيكونون أولى من بيت
المال؛ لأنه لسائر المسلمين وذوو القربى أقوى من الأجانب عملا بالنص2.
القول الثاني: القول بعدم الرد وهو أن الفاضل عن ذوي الفروض لبيت المال وإليه ذهب
المالكية3، والشافعية إذا انتظم بيت مال المسلمين4.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
الدليل الأول: إن الله تعالى قال في الأخت {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك} 5، ومن رد
عليها جعل لها الكل6.
الدليل الثاني: أنها ذات فرض مسمى فلا تزاد عليه كالزوج7.
والجواب عن الدليل الأول: أن هذا الدليل لا ينفي أن يكون لها زيادة عليه بسبب آخر
كقوله تعالى {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ
إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} 8 لا ينفي أن يكون للأب السدس وما فضل عن البنت بجهة
التعصيب، وقوله {وَلكمَ
__________
1 سورة الأنفال الآية 75
2 انظر الشرح الكبير على المقنع4/37
3 انظر مواهب الجليل6/413-415.
4 انظر الفصول المهمة في علم ميراث الأمة ص57، والفوائد الشنشورية مع حاشية
الباجوري عليها ص 127.
5 سورة النساء الآية 176
6 انظر الشرح الكبير على المقنع4/37.
7 انظر الشرح الكبير على المقنع4/37.
8 سورة النساء الآية 11
(1/132)
نصف
ما ترك أزواجكم} 1لم ينف أن يكون للزوج ما فضل إذا كان ابن عم أو مولى، وكذلك الأخ
من الأم إذا كان ابن عم، والبنت وغيرها من ذوي الفروض إذا كانت معتقة كذا هاهنا
تستحق النصف بالفرض والباقي بالرد2.
والجواب عن الدليل الثاني: أنه قياس مع الفارق؛ لأن أصحاب الفروض من ذوي الأرحام
بخلاف الزوج؛ أو الزوجة؛ فليسا من ذوي الأرحام3.
__________
1 سورة النساء الآية 12
2 انظر الشرح الكبير على المقنع4/37.
3 انظر الشرح الكبير على المفنع4/37.
(1/133)
المطلب
الثالث الأحكام المرجوحة من الحديث
...
المطلب الثالث خصصت هذا المطلب في ذكر الأحكام المستنبطة من الحديث
والتي لم يترجح فيها عند أهل التحقيق من العلماء ما تضمنه هذا الحديث وإليك
بيانها:
الحكم الأول: أن نصيب الأم في مسألتي العمريتين الثلث كاملا وما بقي للأب4، وهاتان
المسألتان أركانها ثلاثة:
1- أن يكون في أحدهما زوج وفي الأخرى زوجة.
2- أن يكون فيهما أمٌّ.
3- أن يكون فيهما أب5.
ووجه الاستدلال بهذا الحديث على هذا الحكم أن الله عز وجل قال {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} 6 فأعطى الأم الثلث
فمقتضى إلحاق
__________
4 انظر الشرح الكبير علىالمقنع4/12.
5 انظر العذب الفائض1/55
6 سورة النساء الآية 11
(1/133)
الفرائض
بأهلها هو إعطاء الأم الثلث كاملا وما بقي يكون للعصبة، وهو الأب في هاتين
المسألتين فيكون له ما فضل عن نصيب أحد الزوجين والأم1. وإليه ذهب ابن
عباس2والظاهرية3.
القول الثاني: أن الأم لها في المسألتين ثلث الباقي، وإليه ذهب الأئمة الأربعة4.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
الدليل الأول: أن كل ذكر وأنثى يأخذان المال أثلاثا يجب أن يأخذا الباقي بعد فرض
أحد الزوجين كذلك كالأخ والأخت لغير أم5.
الدليل الثاني: أن الأصل أنه إذا اجتمع ذكر وأنثى من درجة واحدة؛ أن يكون للذكر
مثل ضعف ما للأنثى فلو جعل لها الثلث مع الزوج لفضلت على الأب، ومع الزوجة لم يفضل
عليها بالتضعيف6.
الدليل الثالث: أن الله سبحانه وتعالى إنما أعطاها الثلث كاملا إذا انفرد الأبوان
بالميراث، فإن قوله سبحانه {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ
فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} 7
__________
1 انظر الشرح الكبير على المقنع4/12
2 انظر مصنف عبد الرزاق10/253؛ والتلخيص في الفرائض1/161؛ والتهذيب في الفرائض
ص198.
3 انظر المحلى9/260.
4 انظر فتح القريب المجيب1/19؛ والعذب الفائض1/55؛ والتهذيب في الفرائض ص198؛
ومجمع الأنهر2/750، 751؛ والقوانين الفقهية ص256، 257.
5 انظر العذب الفائض1/55.
6 انظر العذب الفائض1/55.
7 سورة النساء آية 11
(1/134)
شرط
أن في استحقاق الثلث عدم الولد، وتفردهما بميراثه1، وفي مسألتي الغراوين لم ينفردا
فيأخذ أحد الزوجين فرضه، ومابقي يكون للأم ثلثه وللأب الباقي، فدل على أن نصيب
الأم ثلث الباقي.
والجواب عن الاستدلال بالحديث من وجهين: الوجه الأول: العصوبة لم تتمحض في الأب2.
والوجه الثاني: أن الأم لا تستحق الثلث كاملا إلا بشرطين: عدم الولد، أو الجمع من
الإخوة، والشرط الثاني: التفرد، وفي مسألتي الغرواين معهما أحد الزوجين فكان نصيب
الأم ثلث ما بقي والباقي للأب تعصيبا.
الحكم الثاني: أن الولد المنفي باللعان عصبته عصبة أمه.
ووجه الاستدلال من هذا الحديث لهذا الحكم أن الرسول عليه الصلاة والسلام أعطى
الباقي لأولى رجل ذكر، وأولى الرجال للولد المنفي باللعان أقارب أمه3. وإليه ذهب
الحنابلة4.
القول الثاني: أن الباقي بعد فرض الأم يكون لها بالرد، وإليه ذهب الحنفية5.
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ
فِي كِتَابِ اللَّهِ} 6.
وجه الاستدلال: أن الأم أقرب الأرحام إليه، فتأخذ الباقي بالرد.
__________
1 إعلام الموقعين1/358.
2 انظر العذب الفائض1/55.
3 انظر الشرح الكبير على المقنع4/14.
4 انظر الإنصاف7/308، 309.
5 انظر تبيين الحقائق6/241.
6 سورة الأنفال الآية 75
(1/135)
القول
الثالث: أن الباقي بعد فرض الأم لبيت مال المسلمين، وإليه ذهب المالكية1،
والشافعية2.
وقد استدلوا على ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: " وألحق الولد بالمرأة"
3.
ووجه الاستدلال أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما ألحقه بها قطع نسبه من أبيه،
فصار كمن لا أب له من أولاد العي الذين لم يختلف أن المسلمين عصبتهم؛ إذ لا تكون
العصبة من قبل الأم وإنما تكون من قبل الأب4.
قلت: القول الثاني والثالث مبنيان على القول بالرد من عدمه فمن قال بالرد قال
الباقي للأم بالرد، ومن قال بعدم الرد قال الباقي لبيت مال المسلمين. وقد سبق في
الحكم الثالث من المطلب الثاني أن الراجح هو القول بالرد، وعلى هذا يكون الراجح
هنا هو أن الباقي يرد على الأم. والله أعلم بالصواب.
والجواب عن الاستدلال بهذا الحديث على هذه المسألة بأنه معلوم أن العصبات من قبل
الآباء، ومن أدلى بمن لا تعصيب له لم يكن له تعصيب5.
الحكم الثالث: أن الأخوات الشقيقات، أو الأخوات لأب لسن عصبة مع البنات أو بنات
الابن6.
__________
1 انظر عيون المجالس2/1083.
2 انظر اللؤلؤة السنية حاشية على الفوائد الشنشورية لوحة 42، وما ذكرته هنا على
اعتبار أن بيت مال المسلمين من أسباب الإرث. والراجح عند الشافعية تقييده بأن يكون
بيت مال المسلمين منتظما. وذهب إليه متأخرو المالكية / انظر: الفوائد الشنشورية
ص53؛ وفتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك 2/373.
3 أخرجه البخاري في كتاب الطلاق باب يلحق الولد بالملاعنة من حديث عبد الله بن عمر
رضي الله عنهما9/460، ومسلم في كتاب اللعان 2/1132، 1133.
4 انظر شرح صحيح البخاري لابن بطال8/366.
5 انظر شرح صحيح البخاري لابن بطال8/366، 367.
6 انظر شرح النووي على صحيح مسلم11/54.
(1/136)
ووجه
الاستدلال بهذا الحديث على هذا الحكم هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى الباقي
لأولى رجل ذكر، فيستنبط من مفهومه أن الأخوات الشقيقات، أو لأب لسن من العصبة مع
البنات أو بنات الابن1. وإلى هذا ذهب ابن عباس رضى الله عنهما 2والظاهرية3.
القول الثاني: أن الأخوات الشقيقات أو لأب مع البنات أو بنات الابن عصبة، وإليه
ذهب الأئمة الأربعة4.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
الدليل الأول: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وفيه:" لأقضين بقضاء
النبي صلى الله عليه وسلم للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وللأخت
ما بقي "5.
وجه الاستدلال: أن الحديث نص صريح على أن الأخت الشقيقة أو لأب تأخذ ما بقي بعد
فرض البنت، أو بنت الابن، أو بعد فرضهما.
الدليل الثاني: أن الأخت تكون عصبة بغيرها وهو أخوها، فلا يمتنع أن تكون عصبة مع
البنت6.
__________
1 انظر فقه المواريث2/19.
2 انظر مصنف عبد الرزاق10/255.
3 انظر المحلى10/319.
4 انظر شرح السراجية ص26، 27، والضياء على الدرة البيضاء ص27، وفتح القريب
المجيب1/31، والدرة المضيئة شرح الفارضية ص20، 21.
5 أخرجه البخاري في كتاب الفرائض باب ميراث الأخوات مع البنات عصبة12/17، وأبوداود
في كتاب الفرائض باب ما جاء في ميراث الصلب3/312، 313، والترمذي في أبواب الفرائض
باب ما جاء في ميراث ابنة الابن مع ابنة الصلب4/415، وابن ماجه في كتاب الفرائض
باب فرائض الصلب2/909.
6 انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية31/349.
(1/137)
والجواب
عن الاستدلال بهذا الحديث: أن الاستدلال بهذا الحديث على أن الأخوات لسن عصبة مع البنات
من طريق المفهوم، وأقصى درجاته أن يكون له عموم، فيخص بالحديث الدال على أن الأخت
الشقيقة أو لأب، تأخذ الباقي بعد البنت أو بنت الابن1.
الحكم الرابع: أن الباقي بعد الفروض المقدرة يكون لأبناء الأبناء دون بنات
الأبناء.
ووجه الاستدلال بهذا الحديث على هذا الحكم هو ظاهر هذا الحديث حيث جعل الباقي
لأولى رجل ذكر، فخص الباقي بالذكر، فلا شيء لبنات الابن 2، وإليه ذهب ابن مسعود 3.
القول الثاني: أن الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين، وإليه ذهب الأئمة الأربعة4.
وقد استدلوا على ذلك بما يأتي:
الدليل الأول: قال الله تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} 5.
وجه الاستدلال: أن بنات الابن يقع عليهن اسم الأولاد، فيشاركن أبناء الأبناء للذكر
مثل حظ الأنثيين6.
الدليل الثاني: أن العلماء أجمعوا أن بني البنين كالبنين عند عدم البنين إذا
__________
1 انظر إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام4/16.
2 انظر شرح صحيح البخاري لابن بطال8/349، 350.
3 انظر التهذيب في الفرائض ص206.
4 انظر التهذيب في الفرائض ص206؛ وشرح خلاصة الفرائض ص39، 40؛ وفتح القريب
المجيب1/22؛ والضياء على الدرة البيضاء ص27.
5 سورة النساء الآية 11
6 انظر شرح صحيح البخاري لابن بطال8/350.
(1/138)
استووا
في القدر ذكرهم كذكرهم، وأنثاهم كأنثاهم1.
والجواب عن الاستدلال بهذا الحديث: أن هذه المسألة مخصوصة من عموم قوله عليه
الصلاة والسلام " فلأولى رجل ذكر "2.
الحكم الخامس: أن ذوي الأرحام3لا يرثون.
ووجه الاستدلال بهذا الحديث على هذا الحكم أنه لم يجعل حق الميراث لمن لم يذكر في
القرآن إلا لأقرب الذكور، وهذا الحكم يختص بالعصبات دون ذوي الأرحام فإن من ورث
ذوي الأرحام، ورث ذكورهم وإناثهم4. وإليه القول الثاني: توريث ذوي الأرحام وإليه
ذهب: الحنفية7، والحنابلة8، وكذا الشافعية إذا لم ينتظم بيت مال المسلمين9،
ومتأخرو المالكية10.
__________
1 ممن حكى الإجماع ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري8/350.
2 انظر فتح الباري12/16.
3 قال الزركشي في شرحه على مختصر الخرقي3/35، 36 "ذوي الأرحام في أصل الوضع
اللغوي والشرعي كل من انتسب إلى الميت بقرابة سواء ذلك القرابة من قبل الأب، أو من
قبل الأم إلى أن قال " وذووا الأرحام في العرف الاصطلاحي هنا: كل قرابة ليس
بذي فرض ولا عصبة ".
4 انظر جامع العلوم والحكم3/275، 276.
5 انظر مواهب الجليل6/413-415.
6 انظر الفوائد الشنشورية ص217.
7 انظر شرح السراجية ص11
8 انظر شرح الزركشي على مختصر الخرقي3/36.
9 انظر الفوائد الشنشورية ص217.
10 انظر فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك3/373.
(1/139)
واستدلوا
على ذلك بما يأتي:
الدليل الأول: قال الله تعالى: {وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ
فِي كِتَابِ اللَّهِ} 1.
وجه الاستدلال: أن الآية الكريمة عامة، فيدخل فيها توريث ذوي الأرحام، فهم أولى من
بيت مال المسلمين.
الدليل الثاني: عن عمر رضي الله أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" الخال وارث من لا وارث له " 2.
الدليل الثالث: حديث المقدام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الخال
وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه " 3.
__________
1 سورة الأنفال الآية 75.
2 أخرجه الترمذي في أبواب الفرائض باب ما جاء في ميراث الخال4/421، وابن ماجه في
كتاب الفرائض باب ذوي الأرحام 2/914، والإمام أحمد في المسند1/28.
وقال الشيخ أحمد شاكر في شرحه على المسند1/237 " إسناده صحيح " وصححه
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في إرواء الغليل6/137.
3 أخرجه أبوداود في كتاب الفرائض باب في ميراث ذوي الأرحام3/320، والنسائي في
السنن الكبرى باب في كتاب الفرائض باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر المقدام بن معدي
كرب4/76، 77، وابن ماجه في كتاب الفرائض باب ذوي الأرحام2/914، والإمام أحمد في
مسنده4/131، وابن حبان الإحسان 7/611، والحاكم4/344 وأبوداود الطيالسي منحه
المعبود 1/284، وابن الجارو ص322، والدارقطني4/85، والطحاوي في شرح معاني الآثار4/397،398،
والبيهقي في السنن الكبرى6/214، وسعيد ابن منصور في سننه1/50، وقواه ابن قيم
الجوزية في تهذيب مختصر السنن4/17، وصححه الألباني في إرواء الغليل6/137-141.
(1/140)
والجواب
عن الاستدلال بهذا الحديث: أن هذا الحديث دل على توريث العصبات لا على نفي توريث
غيرهم، وتوريث ذوي الأرحام مأخوذ من أدلة أخرى؛ فيكون ذلك زيادة على ما دل عليه
حديث ابن عباس رضي الله عنهما1
__________
1 انظر جامع العلوم والحكم3/276.
(1/141)
الخاتمة
قد انتهيت، ولله الحمد، والمنة من هذا البحث الذي هو: بعنوان شرح حديث عبد الله بن
عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألحقوا الفرائض
بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر " رواية ودراية. فالحمد لله الذي بنعمته
تتم الصالحات.
هذا وقد توصلت في البحث إلى ما يأتي:-
1- أن الفرائض في اللغة جمع فريضة مأخوذة من الفرض له معان كثيرة منها الحز
والقطع.
2- الفرائض في الاصطلاح فقه المواريث وما ضم إلى ذلك من حسابها.
3- تتركز أهمية علم الفرائض في أن الله عز وجل تولى قسمة الفرائض بنفسه فلم يكلها
إلى ملك مقرب، ولا إلى مرسل؛ وذلك في ثلاث آيات من كتابه.
4- الإرث ينقسم إلى إرث بالفرض، وإرث بالتعصيب.
5- لفظ الحديث المشهور هو ما صدرت به عنوان البحث وقد أخرجه البخاري ومسلم وله لفظ
آخر وهو " اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض
فلأولى رجل ذكر " وقد أخرجه مسلم.
6- معنى الحديث باختصار: اعطوا الفرائض المقدرة لمن سماها الله لهم فما بقي بعد
هذه الفروض فيستحقه أقرب رجل ذكر.
7- تلخص عندي ثلاث حكم في تقييد الرجل بكونه ذكرا.
أ - أنه لما كان الرجل يطلق في مقابلة المرأة، والصبي جاءت الصفة لبيان أنه في
مقابلة المرأة، وأنه لا فرق بين الصبي والبالغ.
ب - أنه قد يطلق الرجل ويراد به الشخص، فيدخل في مضمونه المرأة فتقييده بالذكر
ينفي هذا الاحتمال، ويخلصه للذكر دون الإناث.
(1/142)
ج
- التنبيه على سبب استحقاقه وهو الذكورة التي هي سبب العصوبة وسبب الترجيح في
الإرث؛ ولهذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين. وأيضا التنبيه على أن الإحاطة بالميراث
إنما يكون للذكر دون الإناث.
8- استنبط من الحديث عدة أحكام من أبرزها:-
أ - إذا اجتمع فرض وعصبة بدئ بذي الفرض، فأخذ فرضه، وما بقي للعصبة، وهذا الحكم
محل إجماع بين أهل العلم.
ب - إذا اجتمع أكثر من عاصب يكون التعصيب للأقرب، وهذا الحكم محل إجماع بين أهل
العلم.
ج - دل الحديث بمفهومه على أن العاصب يسقط لاستغراق فروض المسألة، وهذا الحكم محل
اتفاق بين أهل العلم
د - سقوط الأخ الشقيق في المسألة المشركة، وهذا هو القول الراجح في هذه المسألة.
هـ - أن الجد يحجب الإخوة، وهذا هو القول الراجح في هذه المسألة.
هذا ما تيسر لي كتابته حول شرح هذا الحديث مع بيان الأحكام الفرضية المستنبطة منه،
مع اعترافي بالتقصير، ولكني ولله الحمد والمنة قد بذلت ما وسعني من جهد ووقت وبحث
وأسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا البحث من قرأه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(1/143)
مصادر
ومراجع
...
فهرس المصادر والمراجع
أ
1- الإجماع للإمام أبي بكر محمد بن المنذر ت318هـ، تحقيق أبو حماد صغير أحمد ابن
محمد حنيف ط1. الرياض: دار طيبة، سنة1402هـ.
2- الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان ت354هـ ترتيب علاء الدين: علي بن بلبان الفارسي
ت 739هـ ط الأولى بيروت: دار الكتب العلمية، سنة 1407هـ.
3- إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام للامام: محمد بن على بن دقيق العيد ت 702?
تعليق الشيخ: محمد بن منير الدمشقي، بيروت: دار الكتب العلمية.
4- الأحكام شرح أصول الأحكام للشيخ العلامة: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ت1392هـ
الطبعة الثانية سنة 1406هـ.
5- الاختيار لتعليل المختار للشيخ الفقيه: عبد الله بن مودود الموصلي ت 683هـ ط
الثالثة. بيروت: دار المعرفة، سنة 1395هـ.
6- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للشيخ العلامة المحدث: محمد ناصر
الدين الألباني ت1420هـ ط الأولى سنة 1399هـ بيروت ودمشق: المكتب الإسلامي، سنة
1399هـ.
7- الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي الفقيه: عبد الوهاب البغدادي المالكي ت422هـ
المغرب: مطبعة الإرادة.
8- إعلام الموقعين للشيخ العلامة: محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية ت751? تعليق
الشيخ: طه بن عبد الرؤوف بن سعد، القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية.
9- إكمال إكمال المعلم على صحيح مسلم. للشيخ الفقيه: محمد بن خليفه الأبي ت 827هـ
تعليق الشيخ: محمد بن سالم بن هاشم ط ا. بيروت:
(1/144)
دار
الكتب العلمية، سنة 1415هـ.
10 - إكمال المعلم بفوائد مسلم. للقاضي الفقيه: عياض اليحصبي المالكي 544هـ. ط1.
مصر: دار الوفاء، سنة 1419هـ.
11- الأم. للإمام: محمد بن إدريس الشافعي ت204?، بيروت: دار المعرفة.
12- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد. للشيخ العلامة: علي
بن سليمان المرداوي ت885?، تحقيق الشيخ العلامة محمد بن حامد الفقي ط 1. مصر:
مطبعة السنة المحمدية سنة 1374?.
ب
13- البدرانية شرح الفارضية. للشيخ العلامة: عبد القادر بن أحمد بن بدران الحنبلي
ت1346? ط1، 1342? ط. دمشق: المكتبة السلفية، سنة 1342?.
14- بهجة قلوب الأبرار. للشيخ العلامة: عبد الرحمن بن ناصر السعدي ت1376? ط1،
القاهرة: مطبعة السنة المحمدية، سنة 1372هـ.
ت
15- تاج العروس من جواهر القاموس المحيط. للشيخ: محمد بن مرتضى الزبيدي 1205هـ
تحقيق: عبد الكريم العزباوي. الكويت: مطبعة الحكومة، سنة 1399هـ.
16- تاريخ بغداد. للحافظ المحدث أبي بكر بن علي الخطيب البغدادي 463هـ، بيروت: دار
الكتب العلمية.
17- تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق. للشيخ الفقيه: عثمان بن علي الزيلعي ت743هـ
باكستان: المكتبة الإمدادية.
18- التحفة الخيرية حاشية على الفوائد الشنشورية في الفرائض. للشيخ إبراهيم بن
محمد الباجوري ت 1277هـ ط1. مصر: المطبعة الحلبية. سنة 1355هـ.
(1/145)
19-
التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية للشيخ العلامة الدكتور: صالح ابن فوزان
الفوزان ط3. الرياض: مكتبة المعارف، سنة 1407هـ.
20- تسهيل الفرائض. للشيخ العلامة الفقيه: محمد بن صالح بن عثيمين ت1421هـ -
الرياض: مكتبة المعارف.
21- تفسير القرآن العظيم. للحافظ: إسماعيل بن كثير ت774هـ، مصر: المكتبة التجارية.
22- تقريب التهذيب. للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت852هـ، تحقيق الشيخ عبد
الوهاب بن عبد اللطيف، ط2. بيروت: دار المعرفة، سنة 1395هـ.
23- التلخيص في الفرائض. للشيخ الفرضي: عبد الله بن ابراهيم الخبري الشافعي ت476هـ.
تحقيق الدكتور: ناصر الفريدي ط. المدينة النبوية: مكتبة العلوم والحكم سنة 1416هـ.
24- تلخيص مستدرك الحاكم. للحافظ محمد بن أحمد الذهبي ت748? المطبوع بذيل
المستدرك، بيروت: دار الكتاب العربي.
25- التهذيب في الفرائض. للشيخ الفقة: أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني ت510هـ
تحقيق الدكتور راشد الهزاع، ط1. جدة: المطبعة الأهلية، سنة 1416هـ.
26- تهذيب الكمال في أسماء الرجال. للحافظ المحدث أبي حجاج المزي ت742?، تحقيق
الدكتور بشار بن عواد ط1. بيروت: مؤسسة الرسالة سنة 1403?.
27- تهذيب مختصر سنن أبي داود. للشيخ العلامة محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية
ت751هـ، تحقيق الشيخ العلامة محمد بن حامد الفقي، والشيخ المحدث أحمد بن محمد
شاكر. المطبوع مع مختصر سنن أبي داود، بيروت: دار المعرفة، توزيع الرئاسة العامة
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية.
(1/146)
ج
28- الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه.
للإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري ت256هـ. المطبوع مع شرحه فتح الباري ط1.
مصر: المطبعة السلفية، سنة 1380هـ.
29- الجامع الصحيح: المشهور بسنن الترمذي. للحافظ المحدث: محمد بن عيسى الترمذي
ت279هـ، تحقيق وشرح: الشيخ العلامة أحمد بن محمد بن شاكر وآخرون، بيروت: دار إحياء
التراث العربي.
30 - جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم. للحافظ الفقية: عبد
الرحمن بن أحمد بن رجب ت795هـ،. مصر: مطبعة الكيلاني، الناشر المؤسسة السعيدية
الرياض.
ح
حاشية الباجوري على الفوائد الشنشورية – التحفه الخيرية.
31- حاشية الرحبية. للشيخ العلامة: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم ت 1392هـ. الطبعة
الثالثة.
د
32- الدرة المضيئة في شرح الفارضية. للشيخ العلامة الفرضي: عبد الله بن محمد
الشنشوري ت999هـ ط1. بيروت ودمشق: المكتب الإسلامي، سنة 1381هـ.
33- الدرر السنية في الأجوبة النجدية. جمع الشيخ العلامة: عبد الرحمن ابن محمد بن
قاسم ت1392هـ ط 2. بيروت: المكتب الإسلامي، سنة 1385هـ. توزيع دار الإفتاء ,
المملكة العربية السعودية.
34- الدرة المختار شرح تنوير الأبصار. للشيخ الفقيه محمد علاء الدين الحنفي ت
1088هـ ط 2. بيروت: دار الفكرة، سنة 1386هـ.
(1/147)
ر
35- روضة الطالبين. للشيخ العلامة. يحيى بن شرف النووي ت676هـ ط 2. جدة: شركة
المدينة المنورة للطباعة، سنة 1398هـ.
36- الروض المربع في شرح زاد المستقنع. للشيخ العلامة منصور بن يونس البهوتي
ت1051هـ ط السادسة. القاهرة: المطبعة السلفية سنة 1380هـ.
س
37- سبل السلام شرح بلوغ المرام. للشيخ العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني ت1182هـ
تحقيق المشائخ محمد سلامة، وخليل ملا خاطر، وحسين قاسم، ومحمد البيانوني: ط3
الرياض: مطبعة جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية، سنة 1405هـ
38- السلسبيل في معرفة الدليل: حاشية على زاد المستقنع. للشيخ العلامة صالح بن
إبراهيم البليهي ت 1410هـ ط 2. مصر: مطبعة الشركة المصرية للطباعة والنشر، سنة
1396هـ.
39- سنن أبي داود. للحافظ المحدث سليمان بن الأشعث السجستاني 275هـ تعليق: الشيخ
عزت الدعاس. ط1. سوريا: طبعة دار الحديث سنة 1388هـ.
سنن الترمذي = الجامع الصحيح.
40- سنن الدارقطني. للحافظ المحدث. علي بن عمر الدارقطني ت385هـ. باكستان: فالكي
لاهور.
41- السنن الكبرى للحافظ أحمد بن شعيب النسائي ت303هـ، تحقيق الدكتور عبد الغفار
البنداري وسيد كروي. ط الأولى. بيروت: دار الكتب العلمية، سنة 1411هـ.
42- السنن الكبرى للحافظ أحمد بن الحسين بن البيهقي ت458هـ. بيروت: دار المعرفة.
(1/148)
43-
سنن سعيد بن منصور للحافظ سعيد بن منصور. 227هـ تعليق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي
ط1. بيروت: دار الكتب العلمية سنة 1405هـ.
44- سنن ابن ماجه للحافظ: محمد بن يزيد القزويني المشهور بابن ماجه ت 275هـ تحقيق
محمد فؤاد بن عبد الباقي. بيروت: دار احياء التراث العربي.
ش
45- شرح خلاصة الفرائض. للشيخ الفرضي: عبد الملك بن عبد الوهاب البيتي ت 1327هـ
ط1. مصر: المكتبة التجارية. سنة1354هـ.
46- شرح الدرة البيضاء. للشيخ عبد الرحمن الأخضري ت982هـ مصر: مطبعة التقدم
العلمية، سنة 1325هـ.
47- شرح الرحبية. للشيخ العلامة الفرضي: محمد بن أحمد بدر الدين المعروف بسبط
المارديني ت907هـ. ط2. بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية، سنة 1409هـ.
48- شرح الزركشي على مختصر الخرقي للشيخ العلامة: محمد بن عبد الله الزركشي ت772هـ
تحقيق معالي الدكتور: عبد الملك بن عبد الله الدهيش. ط2. بيروت: دار خضر، سنة
1418هـ.
49- شرح السراجية في الفرائض. للشيخ على بن محمد الجرجاني ت816هـ، باكستان: المكتبة
المدنية.
50- شرح السنة. للشيخ العلامة: الحسين بن مسعود البغوي 516هـ تحقيق الشيخ شعيب
الأرناؤوط، بيروت: المكتب الإسلامي، توزيع رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء
والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية.
51- شرح صحيح البخاري. للشيخ الفقيه: علي بن خلف بن بطال ت449هـ تحقيق: أبو تميم
ياسر بن ابراهيم الرياض: مكتبة الرشد سنة 1420هـ.
(1/149)
52-
شرح صحيح مسلم. للشيخ العلامة: يحي بن شرف النووي ت 676هـ. ط الثانية بيروت: دار
الفكر، سنة 1392هـ.
53- شرح الفصول المهمة في علم مواريث الأمة. للشيخ العلامة الفرضي محمد بن أحمد بن
محمد بدر الدين المعروف بسبط المارديني ت907هـ مخطوط في مكتبة الملك عبد العزيز
بالمدينة النبوية تحت رقم 1559.
54- الشرح الكبير على مختصر خليل للشيخ الفقيه: أحمد بن محمد الدردير المالكي ت
1201هـ - مصر: دار إحياء الكتب العربية.
55- الشرح الكبير على المقنع. للشيخ العلامة عبد الرحمن بن أبي عمر محمد ابن أحمد
بن قدامة الحنبلي 682هـ الرياض: كلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود
الإسلامية.
56- شرح مسند الإمام أحمد. للشيخ العلامة أحمد بن محمد شاكر ت1377هـ، ط 4. مصر:
دار المعارف، سنة 1373هـ.
57- شرح معاني الآثار. للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي ت321هـ ط 1. بيروت:
دار الكتب العلمية. 1399هـ.
58- شرح المنظومة اللامية في الفرائض للشيخ العلامة عثمان بن أحمد بن سعيد بن قائد
النجدي ت1097هـ، تحقيق الدكتور عبد المحسن بن محمد بن عبد المحسن المنيف، مصفوف على
الكمبيوتر.
ص
59- الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية لإسماعيل بن حماد الجوهري ت 393هـ. تحقيق.
أحمد بن عبد الغفور عطار. ط 3. بيروت: دار العلم للملايين، سنة 1404هـ. صحيح
البخاري الجامع الصحيح.
60- صحيح مسلم. للامام مسلم بن الحجاج القشيري ت 2061هـ تحقيق وترقيم: محمد فؤاد
بن عبد الباقي. الرياض: الرئاسة العامة لادارات
(1/150)
البحوث
العلمية والافناء والدعوة والارشاد، عام 1400هـ.
ض
61- الضعفاء الكبير للحافظ محمد بن عمرو العقيلي ت322هـ تحقيق الدكتور عبد المعطي
بن أمين قلعجي ط1. بيروت: دار الكتب العلمية، سنة 1404هـ.
62- الضياء على الدرة البضاء للشيخ الفرضي عمار المختار بن ناصر الأخضري ت 1420هـ
ط2. المدينة المنورة: مطابع الرشيد، سنة 1410هـ.
ع
63- عارضة الأحوذي في شرح سنن الترمذي للإمام محمد بن عبد الله ابن العربي المالكي
543هـ. بيروت: دار الكتاب العربي.
64- عدة الباحث في أحكام التوارث للشيخ العلامة عبد العزيز بن ناصر الرشيد 1408هـ،
مطبوع بدون علامات النشر.
65- العذب الفائض شرح عمدة كل فارض في الفرائض للشيخ العلامة الفرضي: إبراهيم بن
عبد الله بن سيف الحنبلي ت1189هـ ط1. مصر: المطبعة الحلبية، سنة 1372هـ.
66- العلل المتناهية في الأحاديث الواهية للشيخ عبد الرحمن بن علي بن الجوزي
597هـ، تحقيق إرشاد الحق الأثري باكستان: ادارة العلوم الأثرية.
67- عمدة القارئ شرح صحيح البخاري. للشيخ محمود بن أحمد العيني ت855هـ، بيروت: دار
الفكر.
68- عمدة كل فارض: ألفيه في الفرائض: للشيخ صالح بن حسن البهوتي ت 1121هـ، مطبوعة
مع شرحها الغذب الفائض. الطبعة الأولى. مصر: المطبعة الحلبية، سنة 1372.
69- عون المعبود شرح سنن أبي داود للمحدث محمد بن شمس الحق العظيم
(1/151)
أبادي،
تحقيق الشيخ: عبد الرحمن بن محمد عثمان. ط 2. المدينة النبوية: المكتبة السلفية،
سنة 1388هـ.
70- عيون المجالس للقاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي ت422هـ، تحقيق وتعليق: الشيخ
كيباكاه رسالة ماجستير من قسم الفقه – كلية الشريعة. بالجامعة الإسلامية بالمدينة
النبوية، سنة 1416هـ.
ف
71- فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ت1389هـ جمع الشيخ محمد بن
عبد الرحمن بن قاسم ت1421هـ ط1. بمكة المكرمة: مطبعة الحكومة، سنة 1399هـ.
72- فتح الباري شرح صحيح البخاري. للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت852هـ ط1.
مصر: المطبعة السلفية، سنة 1380هـ.
73- فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام للشيخ زكريا الأنصاري، ت926هـ تحقيق
علي بن محمد بن معوض والشيخ عادل بن أحمد عبد الموجود ط1. بيروت: دار الكتب
العلمية. سنة 1411هـ.
74- فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك للشيخ محمد بن أحمد عليش ت
1299هـ. بيروت: دار الفكر.
75- فتح القريب المجيب شرح كتاب الترتيب في الفرائض للشيخ العلامة الفرضي عبد الله
بن محمد الشنشوري ت999هـ جدة , مكتبة جدة.
76- فتح المنعم ببيان ما احتيج لبيانه من زاد المسلم. للشيخ محمد حبيب الله بن عبد
الله الجكني الشنقيطي ت1363هـ. القاهرة: مؤسسة الحلبي.
77- الفصول المهمة في مواريث علم الأمة. للشيخ العلامة الفرضي: أحمد بن محمد بن
الهائم ت 815 هـ، تحقيق عبد المحسن بن محمد بن عبد المحسن المنيف ط1. الرياض:
المطابع الأهلية، سنة 1414هـ.
(1/152)
78-
الفوائد الجلية في المباحث الفرضية. لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز
ت1420هـ ط 4 في 1392هـ مكتبة الرياض الحديثة - الرياض: مكتبة الرياض الحديثة، سنة
1392هـ.
79- الفوائد الشنشورية في شرح الرحبية. للشيخ العلامة الفرضي عبد الله ابن محمد
الشنشوري ت99هـ المطبوع بهامش التحفة الخيرية، مصر: المطبعة الحلبية.
ق
80- القاموس المحيط لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزأبادي ت817هـ. بيروت: دار
الفكر، سنة 1398هـ.
81- القلائد البرهانية للشيخ محمد البرهاني ت 1205هـ المطبوع مع شرحه وسيلة
الراغبين. ط1. مصر: مطبعة أنصار السنة المحمدية، سنة 1365هـ، ورجعت إلى نسخة من
النظم بخط شيخنا سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ت1421هـ.
82- القوانين الفقهية. للشيخ محمد بن أحمد بن جزي المالكي ت 741هـ. بيروت: مكتبة
أسامة بن زيد.
ك
83- الكافي في فقه أهل المدينة المالكي. للشيخ العلامة يوسف بن عبد الله بن عبد
البر ت463هـ، تحقيق محمد أحيدو ولد ماديك، ط 1. الرياض: مكتبة الرياض الحديثة، سنة
1398هـ.
84- الكامل في ضعفاء الرجال. للحافظ أحمد بن عبد الله بن عدي الجرجاني ت365هـ ط
الثانية. بيروت: دار الفكر، سنة 1415هـ.
85- كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية للشيخ العلامة: عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي
ت581هـ، تحقيق الدكتور محمد بن إبراهيم البنا -
(1/153)
ط
2. مكة المكرمة: المكتبة الفيصلية.، سنة 1405هـ.
86- كشاف القناع على متن الإقناع للشيخ العلامة: منصور بن يونس البهوتي ت1051هـ.
مكة المكرمة: مطبعة حكومة المملكة العربية السعودية سنة 1394هـ.
87- كفاية الحفاظ: ألفية في الفرائض. للشيخ العلامة الفرضي: أحمد بن محمد ابن
الهائم ت815هـ. المطبوعة مع شرها نهاية الهداية ط1. الرياض: دار ابن خزيمة،
سنة1420هـ.
88- الكنوز الملية في الفرائض الجلية. للشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان – الرياض:
مطابع المدينة.
ل
89- لسان العرب للشيخ مكرم بن مكرم بن منظور ت711هـ، بيروت: دار صادر.
90- اللؤلؤة السنية: حاشية على الفرائد الشنشورية في الفرائض للشيخ محمد ابن علي
الأدفيني ت1018هـ، مخطوط في المسجد النبوي تحت رقم 6/4/216.
م
91- المجروحين للحافظ محمد بن حبان البستي ت354هـ، تحقيق محمود بن إبراهيم زيد.
بيروت: دار المعرفة.
92- مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر. للشيخ عبد الله بن محمد المعروف بدامات أفندي
ت1078هـ. بيروت: دار إحياء التراث العربي.
93- مجموع الزوائد للحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي ت807هـ، ط3. بيروت: دار الكتاب
العربي سنة1402هـ.
94 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ت728هـ , جمع وترتيب
(1/154)
الشيخ
العلامة عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ت1392هـ، وساعده ابنه الشيخ محمد ت1421هـ،
توزيع الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة
العربية السعودية.
95- المحلى للشيخ علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ت456هـ، تصحيح حسن ابن زيدان طلبه،
القاهرة: دار الاتحاد العربي للطباعة، سنة 1390هـ.
96- مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر الرازي ت666هـ، ط1. بيروت: دار الكتاب العربي،
سنة 1387هـ.
97- مختصر المقاصد الحسنة للشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني ت1122هـ، تحقيق
الدكتور محمد بن لطفي الصباع، ط الأولى.
98- مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للشيخ علي بن محمد بن سلطان القارئ
ت1014هـ، تعليق صدقي بن جميل العطار، مكة المكرمة: المكتبة التجارية.
99- المستدرك على الصحيحين. للحافظ محمد بن عبد الله الحاكم ت405هـ، بيروت: دار
الكتاب العربي.
100- مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل ت241هـ، ط2، بيروت: المكتب الإسلامي – سنة
1398هـ.
101- المصنف. للحافظ عبد الرزاق بن همام الصنعاني ت211هـ، تحقيق الشيخ حبيب الرحمن
الأعظمي ط2، بيروت: توزيع المكتب الإسلامي، سنة 1403هـ.
102- معالم السنن للإمام حمد بن محمد الخطابي ت338هـ ط2، بيروت: منشورات المكتبة
العلمية، سنة1401هـ.
103- المعلم بفوائد مسلم للشيخ المحدث: محمد بن علي المازري ت536هـ، تحقيق محمد بن
الشاذلي ط2، بيروت: دار الغرب الإسلامي، سنة1413هـ.
(1/155)
104-
المغني شرح مختصر الخرقي للشيخ العلامة: موفق الدين عبد الله بن أحمد ابن قدامة
ت620هـ، تحقيق معالي الدكتور: عبد الله بن عبد المحسن التركي، والدكتور عبد الفتاح
الحلو، ط1، مصر: مطابع هجر، سنة 1407هـ، توزيع صاحب السمو الملكي تركي بن عبد
العزيز آل سعود.
105- المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للحافظ: أحمد بن عمر القرطبي 656هـ
تحقيق: محي الدين مستو ويوسف بديوري وأحمد السيد ومحمود يزاد ط 1، دمشق وبيروت:
دار ابن كثير ودار الكلم الطيب، عام 1417هـ.
106- المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. للحافظ عبد الله
بن علي بن الجارود ت307هـ، ط1، باكستان: حديث آكامي، سنة 1403هـ.
107- منحة المعبود في ترتيب مسند أبي داود الطيالسي ت204هـ للشيخ أحمد بن عبد
الرحمن البنا ت1371هـ، ط 2، بيروت: المكتبة الإسلامية، سنة1400هـ.
108- منهج الوصول إلى تحرير الفصول للشيخ زكريا بن محمد الأنصاري ت926هـ. مخطوط
محفوظ في مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية بالرياض تحت رقم 10278/1.
109- المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيخ العلامة ابراهيم بن على الشيرازي ت476هـ،
ط الثانية، بيروت: دار المعرفة، سنة 1379.
110- مواهب الجليل شرح مختصر خليل. للشيخ محمد بن محمد المغربي الحطاب ت954هـ، ط2،
بيروت: دار الفكر، سنة 1398هـ.
111- الموطأ للإمام مالك ابن أنس ت179هـ، تصحيح وترقيم محمد فؤاد ابن عبد الباقي،
بيروت: دار إحياء الكتب العربية.
112- ميزان الاعتدال في نقد الرجال. للحافظ محمد بن أحمد الذهبي ت
(1/156)
748هـ،
تحقيق على بن محمد البحاوي، ط 1، بيروت: دار المعرفة، سنة 1382هـ.
ن
113- نظم اللآلي في علم الفرائض. للشيخ صالح بن تامر الجعيري ت706هـ، مخطوط في
مكتبة الرياض السعودية برقم 622/86 الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية
والإفتاء المملكة العربية السعودية.
114- النهاية في غريب الحديث والأثر. للشيخ المبارك بن محمد الجزري ت 606هـ، تحقيق
طاهر الزاوي ومحمود محمد الطناحي - بيروت: المكتبة العلمية.
115- نهاية الهداية إلى تحرير أحكام الهداية في علم الفرائض للشيخ زكريا الأنصاري
ت926هـ، تحقيق الدكتور عبد الرازق بن أحمد عبد الرازق، ط1، الرياض: دار ابن خزيمة،
سنة1420هـ.
116- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار. للشيخ العلامة: محمد بن علي الشوكاني
ت1250هـ. الرياض: نشر وتوزيع الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء
والدعوة والإرشاد.
و117- الواضح في شرح مختصر الحزقي. للشيخ الفقيه عبد الرحمن بن عمر البصري ت684هـ،
تحقيق معالي الشيخ الدكتور عبد الملك بن عبد الله الدهيش. ط الأولى. بيروت: دار
خضر – سنة 1421هـ.
118- وسيلة الراغبين وبغية المستفيدين شرح على القلائد البرهانية. لمحمد بن علي بن
سلوم ت1246هـ، تصحيح وتعليق محمد بن حامد الفقي، ط1، مصر: مطبعة أنصار السنة
المحمدية، سنة 1365هـ.==
ج2.
الكتاب السبيكة الذهبية على المنظومة الرحبية [مطبوع ضمن: رسالتان في علم
الفرائض]
المؤلف: فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (المتوفى: 1376 هـ)
رسالتان
في علم الفرائض
الحجج القاطعة في المواريث الواقعة
السبيكة الذهبية على المنظومة الرحبية
تأليف
العلامة الشيخ/ فيصل بن عبد العزيز المبارك
رحمه الله
المتوفى عام 1376 هـ
اعتنى بهما
محمد بن حسن بن عبد الله المبارك
كنوز إشبيليا
للنشر والتوزيع
(1/1)
بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، 1425 هـ
فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر
آل مبارك، فيصل بن عبد العزيز
رسالتان في علم الفرائض/ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
محمد حسن المبارك - الرياض، 1426 هـ
73 ص؛ 17 × 24 سم
ردمك: 4 - 17 - 701 - 9960
1 - المواريث
2 - التركات
أ. المبارك، محمد حسن (محقق)
ديوى 901.253
4271/ 1426 هـ
رقم الإيداع: 4271/ 1426 هـ
ردمك: 4 - 17 - 701 - 9960
جميع حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1427 هـ - 2006 م
دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع
المملكة العربية السعودية ص. ب 27261 الرياض 11417
هاتف: 4742458 - 4773959 - 4794354 فاكس: 4787140
E-mail: eshbelia@hotmail.com
(1/2)
ترجمة
المؤلف
هو الشيخ العالم الورع الزاهد فيصل بن عبد العزيز بن فيصل بن حمد آل مبارك
العلَّامة المحدث الفقيه المفسِّر الأصولي النحوي الفرضي.
- وُلِدَ رحمه الله في حريملاء عام 1313 هـ، فحفظ القرآن صغيرًا، ثمَّ طلب العلم
على علماء حريملاء في وقته، ومنهم:
1 - جدِّه لأُمِّه الشيخ العالم الورع ناصر بن محمد الراشد رحمه الله.
2 - وعمِّه العلَّامة الشيخ محمد بن فيصل المبارك رحمه الله.
- ثمَّ طلب العلم على علماء الرياض، فأخذ الفقه عن فقهاء عصره مثل:
3 - الشيخ العلَّامة عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله مفتي الديار
النجدية.
4 - والشيخ العلَّامة المفتي محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله.
5 - والعلامة الفقيه محمد بن عبد العزيز بن مانع رحمه الله.
6 - وأخذ علم الحديث عن محدِّث الوقت العلَّامة الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه
الله.
7 - وأخذ علم النحو عن سيبويه عصره الشيخ حمد بن فارس رحمه الله.
8 - وأخذ علمَ الفرائض عن أفرض أهل زمانه الشيخ عبد الله بن راشد الجلعود رحمه
الله.
وأخذ عن كثيرٍ غيرهم من أفذاذ العلماء رحمهم الله أجمعين.
إجازاته العلميَّة:
أجازَهُ الشيخُ سعدُ بنُ حَمَدٍ بنِ عَتِيقٍ محدث الديار النجدية بتدريس أمهات كتب
الحديث، وكذلك أمهات كتب مذهب الإمام أحمد.
-وكذلك أجازه الشيخ سعد إجازة خاصَّة في علم التفسير.
(1/3)
-
وأجازه كذلك الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري بجميع مرويَّاته.
- وقد أجازه الشيخ عبد العزيز النمر إجازةَ الفتوى عام 1333 هـ، وكان إذ ذاك في العشرين
من عمره.
وقد أجازَهُ الشيخُ عبدُ العزيز النمْر إجازةَ الفتوى وهو في العشرين من عمره،
وذلك عام 1333 هـ.
تلاميذه:
تخرَّج على يدي الشيخ رحمه الله أجيالٌ من طلبة العلم، وليَ كثيرٌ منهم القضاء في
عدَّة جهاتٍ.
من أبرزهم:
1 - الشيخ إبراهيم بن سليمان الراشد -رحمه الله- قاضي الرياض ووادي الدواسر.
2 - الشيخ عبد الرحمن بن سعد بن يحيى -رحمه الله- قاضي الرياض وحريملاء.
3 - ابنُ عمِّه الشيخ فيصل بن محمد بن فيصل المبارك -رحمه الله- رئيس هيئة الحسبة
وعضو مجلس الشورى بجدة.
4 - ابنُ عمِّه الشيخ سعد بن محمد بن فيصل المبارك -رحمه الله- قاضي وادي الدواسر
ثم الوشم.
5 - الشيخ محمد المهيزع -رحمه الله- قاضي الرياض.
1 - الشيخ ناصر بن حمد الراشد رحمه الله رئيس ديوان المظالم.
* * *
مؤلفاته:
للشيخ فيصل رحِمه الله عِدَّة مؤلفات في جميع العلوم الشرعيَّة - تصل إلى ثلاثين
مؤلَّفًا، وبعضُها في عِدَّة مجلَّدات، فمن كتبه "المطبوعة":
(1/4)
1.
(توفيق الرحمن في دروس القرآن) في (أربع مجلدات).
2. (بستان الأحبار باختصار نيل الأوطار) في (مجلدين).
3. (خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام) في علم الحديث.
4. (مختصر الكلام على بلوغ المرام) في علم الحديث.
5. (تطريز رياض الصالحين) في علم الحديث.
6. (مفاتيح العربية شرح الآجرُّوميَّة) في علم النحو.
ولهُ -رَحِمهُ الله- الكثيرُ من المؤلفات التي لم تطبع بعد.
الشيخ فيصل وجهوده الفقهيَّه:
اعتنَى الشيخُ رحمه الله بالتصنيف في علم الفقه، -لا سيَّما في أُخريات حياته رحمه
الله-، فألف في ذلك:
1 - (كلمات السداد على متن زاد المستقنع) للحجاوي (مطبوع).
2 - (المرتع المشبع شرح مواضع من الروض المربع) مخطوط في أربع مجلدات كبيرة.
3 - (مختصر المرتع المشبع) مخطوط، في مجلد.
4 - (مجمع الجوادِّ (1) شرح الزاد) مخطوط.
5 - كما ألَّف الشيخ رحمه الله في علم أصول الفقه رسالة قيِّمة بعنوان: (مقام
الرشاد بين التقليد والاجتهاد) -طُبِعَت مرارًا-.
6 - وكذلك ألَّفَ الشيخ رحمه الله في الفقه الحديثي: (شرح الدرر البهيَّة) وهو
مخطوط.
__________
(1) الجَوادُّ بتشديد الدال: جمع جادَّة، وهي الطريق الواضح.
(1/5)
أمَّا
في علم الفرائض:
فقد اشتُهِر عن الشيخ فيصل رحمه الله معرفتُهُ وإتقانُه التامُّ لعلم الفرائض، لا
سيَّما وقد نخرَّج في هذا العلم على فرضيِّ عصره الشيخ عبد الله بن راشد الجلعود
رحمه الله ولازَمَهُ ملازمةً تامَّة.
- وقد ألَّف الشيخ فيصل رحمه الله في هذا الباب من علم الفقه رسالتين، هُما:
7 - "السبيكة الذهبية على منظومة الرحبية
8 - (الحجج القاطعة في المواريث الواقعة)
وفاتُه:
ولي الشيخ فيصل القضاء في عِدَّة بلدان، كان آخِرها منطقة الجوف، والتي توفي بها
في السادس عشر من ذي القعدة من عام 1376 هـ، عن ثلاثةٍ وستين عامًا قضاها في
الدعوة إلى الله وفي الجهاد، وفي العلم والتعليم والتصنيف رحمه الله (1).
__________
(1) انظر في مصادر ترجمة الشيخ فيصل رحمه الله:
(علماء نجد خلال ثمانية قرون) للشيخ عبد الله البسام -رحمه الله- ج 5 ص 392 إلى
402 والأعلام للزركلي: ج 5 / ص 168.
و(مشاهير علماء نجد) للشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ.
و(روضة الناظرين) للقاضي.
و(العلامة المحقق والسلفي المدقق: الشيخ فيصل المبارك) لفيصل بن عبد العزيز
البديوي.
و(المتدارك من تاريخ الشيخ فيصل بن عبد العزيز المبارك) لمحمد بن حسن المبارك.
(1/6)
1 -
التعريف بالرسالة الأولى:
الرسالة الأولى هي: شرح لمنظومة "الرَّحبية" في الفرائض،
و"الرَّحبية" هي نظمٌ مشهور ومتنٌ محبورٌ، ألَّفَهُ الفقيه العالم محمد
بن علي بن محمد الرَّحبي الشافعي المتوفي عام 775 هـ رحمه الله تعالى، وقد اشتهرت
هذه المنظومة حتى صارت كالمدخَلِ إلى علمِ الفرائض، لا يستغنِي عنها طالبٌ لهذا
العلم، وذلك لحلاوةِ نظمِها، ومتانةِ عِباراتها واستيعابها لأصول علم الفرائض.
- وقد شرحَها الشيخُ فيصل آل مبارك شرحا ميسَّرًا مختصرًا في هذه الرسالة التي
أسماها "السبيكة الذهبية على منظومة الرحبية"، إلا أنَّ هذا الشرحَ -مع
اختصارِه- يحتوي على توضيحٍ لمهمَّاتِ هذا الفنِّ، وتحريرٍ لأهمَّ مباحثِه، مع
التنبيه بأمثلة ومسائل مناسبة للمتعلِّم، باوضح إشارة وأدقِّ عبارة.
طبعات الرسالة
- صدرت هذه الرسالة في عام 1379 هـ عن "المكتبة الأهلية"، وفي عام 1406
هـ قامت "دار العليان" بالقصيم بإعادة طبعها، ثم في عام 1419 هـ قامت
"دار الأرقم" بطباعتها بعنايةِ وتحقيقِ الأستاذ عبد الله الزاحم -أثابهُ
الله-، والذي قام مشكورًا بتخريج الآيات والأحاديث، ووضْع بعض التعليقات القيِّمةِ
والمناسبة، كما أنَّ الرسالة قد طُبِعت قديمًا ضمن مجموعة "الرسائل
الكمالية".
عملي في الرسالة:
- لدى تحقيقي للرسالة وجَّهتُ اهتمامي إلى العنايةِ بضبط النص وتحريرِ عِباراتِه
كما أنشأها المؤلف، وذلك قَدْرَ الإمكان.
- وقد اعتمدتُ -لدَى التحقيق- نسخةً خَطيَّةً للرسالةِ، مكتوبةَ في حياةِ المؤلف،
تقَعُ في سبعِ ورقات، مكتوبةً بخط دقيق، إلَّا أنَّ هذه "المخطوطةَ"
ناقصةٌ، حيث
(1/7)
وصَلَ
كاتبُها إلى آخر باب "الحجب"، أي أنَّه قد نسخَ ثلاثةَ أخماس الرسالة
تقريبًا، وهي التي تحتوي لِحُسْنِ الحظِّ على أهمِّ المباحث الفرضيَّة، بينما
يغلُبُ على الجُزءِ الباقي من الرسالة ضربُ المسائلِ والأمثلةِ الفَرَضِيَّة.
ويظهرُ أنَّ كاتبَ هذه النسخة هو أحدُ تلامذةِ المؤلِّف، إذ وُجدت ضِمنَ أوراقٍ
للمؤلِّف -رحمه الله-، وبناءً على هذه النسخة الخطيَّة فقد صوَّبتُ -وللهِ
الحَمدُ- بعضَ العباراتِ التي تحرَّفَت في الطبعات السابقة.
- ثمَّ اعتمدتُ في الجُزءِ المتبَّقِي من الرسالة طبعة "المكتبة
الأهلية" لها، -وهي طبعةٌ قديمَةٌ نادِرَةٌ-، حيث أنَّها الأقدَمُ والأتقَن
والأصلُ للطبعات اللاحقة.
2 - التعريف بالرسالة الثانية:
الرسالة الثانية هي: رسالة (الحجج القاطعة في المواريث الواقعة)، ومنها مخطوطة في
مكتبة الملك فهد - تصنيف رقم (252/ 3).
طبعات الرسالة:
- وهذه الرسالة قد طُبِعت ثلاث مرَّاتٍ تحت اسم (الدلائل القاطعة) - ضمن مجموع
(المختصرات النافعة) للشيخ فيصل، أولاها عام 1369 هـ، وثانيها عام 1371 هـ، وآخرها
عام 1405 هـ عن دار طيبة، ويحتوي هذا المجموع على أربع مختصرات، هي:
أ / (مفتاح العربية على متن الآجرومية) ومنهُ -مُفرَدًا- مخطوطةٌ في مكتبة الملك
فهد بعنوان "مفاتيح العربية" بخط الشيخ رحمه الله.
ب/ (الدلائل القاطعة في المواريث الواقعة).
ج / (غذاء القلوب ومفرج الكروب).
د/ (تعليم الأحبّ أحاديث النووي وابن رجب).
(1/8)
عملي
في الرسالة:
أ- اعتمدت لدى تحقيقي للرسالة تلك النسخة المخطوطة المشار إليها، فجعلتها الأصل،
إذ فيها زياداتٌ كثيرةٌ على المطبوعة ضمن "مجموع المختصرات النافعة"، مع
المقارنةِ بينَهُما.
ب- أوردتُ زياداتِ النسخةِ المطبوعةِ على المخطوطةِ، وجعلتُها بين معقوفتَين [ ...
]، وذلك للتمييزِ بين النسختَين، إذ في كلِّ منهما زياداتٌ على الأخرَى.
ج- أدرجتُ عناوين فرعية لبعض المباحث الفرضية، وجعلتها بين قوسين ( ... ). وعلى
الله قَصْدُ السَّبيلِ، وبهِ المستَعان، وعليه التُّكلان، وصَلَّى الله وسلَّمَ
وبارَكَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِهِ وصحبهِ أجمعِين.
محمد بن حسن المبارك
الرياض
(1/9)
صورة الورقة الأولى من مخطوطة السبيكة الذهبية
(1/10)
صورة الورقة الأخيرة من مخطوطة السبيكة الذهبية
(1/11)
صورة الورقة الأولى من مخطوطة الحجج القاطعة
(1/12)
صورة الورقة الأخيرة من مخطوطة الحجج القاطعة
(1/13)
1 -
الرسالة الأُولَى:
السبيكة الذهبيَّة على المنظومة الرحبية
تأليف:
العلَّامة الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك
-رحمه الله- المتوفي عام 1376 هـ
(طبعَة مُنقّحة ومُحرَّرة ومُقابَلة على نسخةٍ خطِيَّة)
(1/15)
وبه
نستعين، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم
1 - أَوَّلُ مَا نَسْتَفْتِحُ الْمَقالا ... بِذِكْرِ حَمْدِ رَبَّنَا تَعَالى
2 - فَالْحمْدُ للهِ عَلَى مَا أَنْعَمَا ... حَمْداً بِهِ يَجْلُو عَن الْقَلْبِ
الْعَمَى
3 - ثُمَّ الصَّلاَةُ بَعْدُ وَالْسَّلاَمُ ... عَلَى نَبيٍّ دِينُهُ الإِسْلامُ
4 - مُحَمَّدٍ خَاتِمِ رُسْلِ رَبِّه ... وَآلهِ مْنْ بَعْدِهِ وَصَحْبِهِ
5 - وَنَسْأَلُ اللهَ لَنَا الإِعَانَهْ ... فِيما تَوَخَّيْنَا مِنَ الإِبَانَهْ
6 - عَنْ مَذهَب الإِمَام زَيْدِ الفَرَضِي ... إذْ كانَ ذَاكَ مِنْ أَهَمِّ
الْغَرَضِ
7 - عِلْماً بأَنَّ الْعِلْمَ خَيْرُ مَا سُعِي ... فِيهِ وَأَوْلَى مَا لَهُ
الْعَبْدُ وُعِي
ابتدأَ المصنفُ رحِمه الله تعالى كتابَه بالبسملَة، اقتداءً بالكتاب العزيز،
وعَملاً بحديثِ: «كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبْدأُ فيه " بِبسم الله" فَهُوَ
أَبْتَر»، أي: قليلُ البركة. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «العلمُ ثلاث: آيةٌ
محكمةٌ، أو سُنَّةٌ قائمة، أو فريضةٌ عادلة، وما سِوَى ذلك فهُو فضلٌ».
والفرائض: هي المواريثُ المذكورةُ في قولِ الِله تعالَى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي
أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: 11] الآيات، وفي
قوله تعالَى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ} [النساء:
176] إلى آخرِ السُّورَة، فلا بُدَّ للطالب من حفظِها (1)؛ لتكونَ لَهُ أصلاً
يَرجِعُ إليه.
_________
(1) أي: لا بُدَّ للطالب من حفظ آيات المواريث من سورة النساء.
(1/16)
8 -
وَأَنَّ هَذَا الْعِلْمَ مَخْصُوصٌ بِمَا ... قَدْ شَاعَ فيهِ عِنْدَ كُلِّ
الْعُلَمَا
9 - بأَنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُفْقَدُ ... في الأَرْضِ حَتَّى لاَ يَكادُ يُوجَدُ
10 - وَأَنَّ زَيْداً خُصَّ لاَ مَحَالَهْ ... بَمَا حَبَاهُ خَاتَمُ الرِّسَالَهْ
11 - مِنْ قَوْلِهِ في فَضْلَهِ مُنَبِّهاً ... أَفْرضُكُمْ زَيْدٌ وَنَاهِيكَ
بِهَا
12 - فَكانَ أَوْلَى باتِّبَاعِ التَّابِعِ ... لاَ سِيَّمَا وَقَدْ نَحَاهُ
الشَّافِعِي
13 - فَهَاكَ فيهِ الْقَوْلَ عَنْ إِيجَازِ ... مُبَرَّأً عَنْ وَصْمَةِ
الإلْغَازِ
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تَعَلَّمُوا القُرآن وعَلِّموه النَّاس،
وتَعَلَّموا الفَرَائض وعَلِّموها النَّاس، فإِني امرؤٌ مَقْبوض، ويُوشِكُ أنْ
يَخْتَلِفَ الرَجُلان في الفَرِيضَة فَلا يَجِدَان من يَفْصِلُ بَيْنَهُما».
- واعلم أنه يتعلَّقُ بتركةِ الميت خَمسةُ حقوقٍ مرتَّبةٍ:
الأول: الحقُّ المتعلقُ بعين التركة كالرهن ونحوه.
الثاني: مؤونة تجهيزه.
الثالث: الدَّيْن.
الرابع: الوصيَّةُ.
الخامس: الإرْثُ.
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اقْسِموا المَال بَيْن أهْلِ الفرائضِ على
كتابِ اللهِ تعالَى، فَمَا أبْقَتْ الفرائضُ فهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ».
(1/17)
بَابُ
أَسْبَاب المِيرَاث
14 - أَسْبَابُ مِيرَاثِ الْوَرَى ثَلاَثهْ ... كلٌّ يُفِيدُ رَبَّهُ الْوِرَاثَهْ
15 - وَهْيَ نِكَاحٌ وَوَلاَءٌ وَنَسَبْ ... مَا بَعْدَهُنَّ لِلْمَوَارِيثِ
سَبَبْ
أسباب الميراث ثلاثة:
الأول: النكاح: وهو عَقْدُ الزوجيَّةِ الصحيحُ، فيَتوارثُ بِه الزوجانِ، وإنْ لمْ
يحصُلْ وطءٌ ولا خَلوةٌ.
الثاني: النسَبُ: وهو الَقرابةُ.
الثالث: الوَلاء: وهو عُصُوبةٌ سَببُها نِعمًةُ المعتِقِ على رقيقِهِ بالعِتقِ؛
قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّما الوَلاء لِمَنْ أَعْتَق». وقال - صلى الله
عليه وسلم -: «الوَلاء لُحمَةٌ كلُحمَةِ النسَب، لا يُباع ولا يُوهَب».
بَابُ مَوَانعِ الإِرْثِ
16 - وَيَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنْ الْمِيرَاثِ ... وَاحِدَةٌ مِنْ عِلَلٍ ثَلاثِ
17 - رِقٌّ وَقَتْلٌ وَاخْتِلاَفُ دِينِ ... فَافْهَمْ فَلَيْسَ الشَّكُّ
كالْيَقِينِ
- موانع الإرث ثلاثة:
الأول: الرِّقُّ: وهو عَجْزٌ حكميٌّ يقُومُ بالإنسانِ، سببُهُ الكُفْرُ. فلا
يَرِثُ الرقيقُ ولا يُورَث ولا يَحجُبُ.
الثاني: القَتلُ: وهو ما أوجَبَ قَصاصاً أو دِيَةً أو كفارةً، قال النبيُّ - صلى
الله عليه وسلم -: «ليس للقاتلِ من الميراثِ شيءٌ».
الثالث: اختلافُ الدِّينِ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرِثُ المسلمُ
الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ».
(1/18)
بَابُ
الوَارِثينَ مِنَ الرِّجَالِ
18 - وَالْوَارِثُونَ مِنَ الرِّجَالِ عَشَرَهْ ... أَسْمَاؤُهُمْ مَعْرُوفَةٌ
مُشْتَهَرهْ
19 - الابن وابْنُ الابْنِ مَهْمَا نَزَلاَ ... والأَبُ والْجَدُّ لَهُ وَإِنْ
عَلاَ
20 - والأَخُ مِنْ أَيِّ الجِهَاتِ كَانَا ... قَدْ أَنْزَلَ اللهُ بِهِ
الْقُرْآنَا
21 - وَابْنُ الأَخِ الْمُدْلِي إِلَيْهِ بالأَبِ ... فَاسْمَعْ مَقَالاً لَيْسَ
باِلمُكَذَّبِ
22 - وَالْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ مِنْ أَبِيهِ ... فَاشْكُرْ لِذي الإِيجَازِ
وَالتَّنْبِيهِ
23 - وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتِقُ ذُو الْوَلاَءِ ... فَجُمْلَةُ الذُّكُورِ
هَؤُلاءِ
- الوارثون من الرجال: بالاختصار عشرة - وبالبسط خمسة عشر -، وهُم:
1 - الابن، 2 - وابن الابن وإن نزل، 3 - والأب، 4 - والجد من قبل الأب وإن علا
[بمحض الذكور] (1)، 5 - والأخ الشقيق، 6 - والأخ لأب، 7 - والأخ لأم، 8 - وابن
الأخ الشقيق، 9 - وابن الأخ لأب، 10 - والعم الشقيق، 11 - والعم لأب، 12 - وابن
العم الشقيق، 13 - وابن العم لأب، 14 - والزوج، 15 - وصاحب الولاء.
_________
(1) ما بين القوسين أدرجتُه، حتى لا يشمَل مسمَّى الجد مثل أبي أم الأب، أو أبي أم
أم الأب، وقد تابعت في ذلك محقق الطبعة السابقة الأستاذ عبد الله الزاحم أثابَهُ
الله.
(1/19)
*
فإذا هلَكَ هالكٌ عن جميعِهم لم يرِثْ منهم إلا ثلاثةٌ: الابنُ والأبُ والزوجُ،
والمسألة من اثني عشر.
* وإذا هلك عن الباقين لمْ يَرِثْ منهم إلا اثنان: ابن الابنُ والجَدُّ، والمسألة
من ستة.
* وإذا هلك عن الباقين ورث اثنان أيضاً، وهما: الأخ الشقيق والأخ لأم، والمسألة
أيضاً من ستة.
* وإذا مات عن الباقين، وهم الأخ لأب وباقي العصبة فالمال كله للأخ من الأب، ثم
كذلك، وآخِرُهُم المعتِقُ ثم عصبتُه.
(1/20)
بَابُ
الْوَارِثَاتِ مِنَ النِّساءِ
24 - وَالْوَارِثَاتُ مِنَ النِّسَاءِ سَبْعُ ... لَمْ يُعْطِ أُنْثى غَيْرَهُنَّ
الْشَّرْعُ
25 - بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُمٌ مُشْفِقَهْ ... وَزَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ
وَمُعْتِقَهْ
26 - وَالأُخْتُ منْ أَيِّ الْجِهَاتِ كَانتْ ... فَهَذِهِ عِدَّتُهُنَّ بَانَتْ
- الوارثات من النساء: بالاختصار سبعٌ - وبالبسط عشرٌ -، وهُنَّ:
1 - البنتُ، 2 - وبنتُ الابن وإن نزلَ أبوها، 3 - والأمُّ، 4 - والجدَّةُ من قِبَل
الأُم، 5 - والجَدَّةُ من قِبَلِ الأبِ، 6 - والأختُ الشقيقةُ، 7 - والأختُ من
الأبِ، 8 - والأختُ من الأُمِّ، 9 - والزوجةُ، 10 - والمعتِقةُ.
* فإذا هلَكَ هالكٌ عن جميعِهن، ورِثَ منهن خمسٌ: البنت، وبنت الابن، والأم،
والزوجة، والأخت الشقيقة، والمسألة من أربعة وعشرين.
* فإن عُدِمْنَ ورِثَ الباقيات، والمسألة من ستة.
* وإذا اجتمع الرجالُ والنساءُ، لم يرِثْ منهم إلا الوَلَدان، والأبَوَان، وأحَدُ
الزوجين، والمسألةُ من اثنَي عشَر، أو من أربعةٍ وعشرِين.
(1/21)
بَابُ
الْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ في كِتَابِ الله تعَالى
27 - وَاعْلَمْ بِأَنَّ الإِرْثَ نَوْعَانِ هُما ... فَرْضٌ وَتَعْصِيبٌ عَلَى مَا
قُسِّمَا
28 - فَالْفَرْضُ في نَصِّ الْكِتَابِ سِتَّهْ ... لاَ فَرْضَ في الإِرْثِ
سِوَاهَا الْبَتَّهْ
29 - نِصْفٌ وَرُبْعٌ ثَمَّ نِصْفُ الْرُّبْعِ ... وَالْثُّلْثُ وَالْسُّدْسُ
بِنَصِّ الْشَّرْعِ
30 - وَالْثُّلُثَانِ وَهُمَا الْتَّمَامُ ... فَاحْفظْ فَكُلُّ حَافِطٍ إِمَامُ
الفرض: نصيبٌ مقدَّرٌ شَرعاً، لا يزِيدُ إلا بالرَّدِّ، ولا ينقُصُ إلا بالعَوْل
(1).
- والفُروضُ سِتَّة:
1 - الثُّلُثان 2 - والثلُث، 3 - والسُدُس، 4 - والنِّصفُ، 5 - والرُّبْعُ، 6 -
والثُّمْنُ.
قال - صلى الله عليه وسلم -: «أَلحِقُوا الفرائض بأهلِها، فما بَقيَ فهو لأوْلى
رَجُلٍ ذَكَرْ».
_________
(1) في المطبوعِ تصحَّفت (العَول) إلى (العدل)، والتصويبُ عن المخطوط.
(1/22)
بابُ
مَنْ يَرِثُ الْنِّصفَ
31 - وَالْنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ أَفْرَادِ ... الْزَّوْجُ والأُنْثى مِنَ
الأَوْلاَدِ
32 - وَبْنْتُ الإِبْنِ عِنْدَ فَقْدِ الْبِنْتِ ... وَالأُخْتُ في مَذْهَبِ كلِّ
مُفْتِي
33 - وَبَعْدَهَا الأُخْتُ الَّتِي مَنَ الأَبِ ... عْنْدَ انْفِرَادِهِنَّ عَنْ
مُعَصِّبِ
- الذين يرِثون النصف خمسة، وهم:
1 - الزوج، 2 - والبنت، 3 - وبنت الابن، 4 - والأخت الشقيقة، 5 - والأخت من الأب.
1 - فالزوجُ: يستَحِقُّهُ عند عدم الفرع الوارث، وهم: الأولاد، وأولاد البنين -
وإن نزلوا -.
لقول الله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن
لَّهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12].
2 - والبنت تستَحِقُّهُ بشرطين:
أ- عدم المُعَصِّب لها وهو أخوها.
ب- وعدم المُشَارِك وهي أختها.
3 - وبنت الابن تستَحِقُّهُ بثلاثة شروط:
أ - عدم الفرع الذي أعلا منها.
ب - وعدم المُعَصِّب لها.
ج ـ وعدم المُشَارِك، لقوله تعالى: {وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}
[النساء: 11].
4 - والأخت الشقيقة تستَحِقُّهُ بأربعة شروط:
أ - عدمِ الفرع الوارث.
(1/23)
ب -
وعدمِ الأصلِ الوارث من الذكور.
ج - وعدم المُعَصِّب لها.
د - وعدم المشارك.
5 - والأختُ من الأب تستَحِقُّهُ بخمسة شروط:
أ - عدمِ الفَرْعِ الوارِثِ.
ب - وعدمِ الأصْلِ من الذُّكُورِ.
ج - وعدمِ الأشِقَّاءِ والشقائقِ.
د - وعدمِ المُعَصِّب لها.
هـ - وعدمِ المُشارِكِ.
لقوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ
امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}
[النساء: 176].
والكَلالَةُ: مَنْ لا وَلَدَ له ولا وَالِدَ، أي: لا ولَدَ له ولا أبَ ولا جَدَّ،
لا ذَكَرَ ولا أُنْثَى (1)
_________
(1) عبارةُ (لاذكر ولا أنثى) ليست في المخطوط.
(1/24)
بَابُ
مَنْ يَرِثُ الْرُّبُعَ
34 - وَالرُّبْعُ فَرْضُ الزَّوْجِ إِنْ كَانَ مَعَهْ ... مِنْ وَلَدِ الزَّوْجَةِ
مَنْ قَدْ مَنَعَهْ
35 - وَهْوَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ أَوْ أَكْثَرَا ... مَعَ عَدَمِ الأَوْلاَدِ فِيمَا
قُدِّرَا
36 - وَذِكْرُ أَوْلاَدِ الْبَنِينَ يُعْتَمَدْ ... حَيْثُ اعْتمَدْنَا القَوْلَ
في ذِكْرِ الْوَلَد
1 - الزوج يستحق الربع مع وجود الفرع الوارث، لقوله تعالى: {فَإِن كَانَ لَهُنَّ
وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ} [النساء: 12].
2 - والزوجَةُ فأَكثَر تستَحِقُّهُ عند عدمِ الفرعِ الوارِثِ، لقولهِ تعالَى:
{وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ} [النساء:
12].
بَابُ مَنْ يَرِثُ الثُّمُنَ
37 - وَالْثُّمْنُ لِلزَّوْجَةِ والزَّوْجَات ... مَعَ البَنِينَ أَوْ مَعَ
الْبَنَاتِ
38 - أَوْ مَعَ أَوْلاَدِ الْبَنِينَ فَاعلمِ ... وَلاَ تَظُنَّ الْجَمْعَ شَرْطاً
فَافْهَمِ
- الزوجةُ فأكثر تستحِقُّ الثمنَ مع وجودِ الفرعِ الوارثِ، لقوله تعالى: {فَإِن
كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم} [النساء: 12].
(1/25)
بَابُ
مَنْ يَرِثُ الْثُّلُثَيْنِ
39 - وَالثُّلُثَانِ لِلْبَنَاتِ جَمْعَا ... مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ فَسَمْعَا
40 - وَهْوَ كَذَاكَ لِبَنَاتِ الابْنِ ... فَافْهَمْ مَقَالِي فَهْمَ صَافِي
الذِّهْنِ
41 - وَهْوَ لأُخْتَيْنِ فَمَا يَزِيدُ ... قَضَى بِهِ الأَحْرَارُ وَالْعَبِيدُ
42 - هَذَا إِذَا كُنَّ لأُمٍّ وَأَبِ ... أَوْ لأَبٍ فَاحْكُمْ بِهَذَا تُصِبِ
- الثلثان فرض اثنتين متساويتين فأكثر مِمَّن يرِثُ النصف، لقول الله تعالى:
{فَإِن كَانُوَا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} [النساء:
12]، وقوله تعالى: {فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا
تَرَكَ} [النساء: 176].
(1/26)
بَابُ
مَنْ يَرِثُ الثُّلُثَ
43 - وَالثُّلثُ فَرْضُ الأُمِّ حَيْثُ لاَ وَلَدْ ... وَلاَ مِنَ الإِخْوَةِ
جَمْعٌ ذُو عَدَدْ
44 - كاثْنَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْن أَوْ ثَلاَثِ ... حُكْمُ الذُّكُورِ فِيهِ
كالإِنَاثِ
45 - وَلاَ ابْنُ ابْنٍ مَعَهَا أَوْ بِنْتُهُ ... فَفَرْضُهَا الثُّلُثُ كَمَا
بَيَّنْتهُ
46 - وَإِنْ يَكُنْ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَبُ ... فَثُلثُ الْبَاقِي لَهَا مُرَتَّبُ
47 - وَهَكَذَا مَعَ زَوْجَةٍ فَصَاعِدا ... فَلاَ تَكُنْ عَن الْعُلُومِ قَاعِدا
1 - الأُم تستحق الثلث بثلاثة شروط:
أ - عدم الفرع الوارث ..
ب - وعدم الجمع من الإِخوة.
ج - وأن لا تكون المسألة إحدى العُمَرِيَّتَيْنِ، لقولِه تعالى: {فَإِن لَّمْ
يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11].
48 - وَهْوَ لإثْنَيْنِ أَوِ اثِنْتَيْنِ ... مِنْ وَلدِ الأُمِّ بَغَيْرِ مَيْنِ
49 - وَهَكَذَا إِنْ كَثُرُوا أَوْ زَادُوا ... فَمَا لَهُمْ فَيمَا سِوَاهُ زَادُ
50 - وَيَسْتَوِي الإِنَاثُ وَالذُّكُورُ ... فيهِ كَمَا قَدْ أَوْضَحَ
الْمَسْطُورُ
2 - والإِخوة من الأُم يستحقون الثلث بثلاثة شروط:
أ - أن يكونوا اثنين فأكثر.
ب- وعدم الفرع الوارث.
ج- وعدم الأصل الوارث من الذكور؛ لقوله تعالى: {فَإِن كَانُوَا أَكْثَرَ مِن
ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12].
(1/27)
بَابُ
مَنْ يَرِثُ السُّدس
51 - وَالسُّدْسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ مِن العَدَدْ ... أَبٌ وَأُمٌّ ثُمَّ بِنْتُ
ابْنٍ وَجَدّ
52 - وَالأُخْتُ بِنْتُ الأَبِ ثُمَّ الْجَدَّةْ ... وَوَلَدُ الأُمِّ تَمَامُ
الْعِدَّةْ
53 - فَالأَبُ يَسْتَحِقُّهُ مَعَ الْوَلَدْ ... وَهَكَذَا الأُمُّ بِتَنْزِيلِ
الصَّمَدْ
54 - وَهَكَذَا مَعَ وَلَدِ الابْنِ الَّذِي ... مَا زَالَ يَقْفُو إِثْرَهُ
وَيَحْتَذِي
55 - وَهْوَ لَهَا أَيْضاً مَعَ الاثنين ... مِنْ إِخْوَةِ الْمَيْتِ فَقِسْ
هَذَيْنِ
1 - الأب يستحق السدس بوجود الفرع الوارث.
2 - والأُم تستحقه بوجود الفرع الوارث أو الجمع من الإخوة، لقول الله تعالى: ...
{وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ
لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] ... وقوله تعالى: {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ
فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11].
(1/28)
56 -
وَالْجَدُّ مِثْلُ الأَبِ عِنْدَ فَقْدِهِ ... في حَوْزِ مَا يُصِيبُهُ وَمَدِّهِ
57 - إلاَّ إذَا كَانَ هُنَاكَ إِخْوَهْ ... لِكَوْنِهِمْ في القُرْبِ وَهْوَ
أُسْوَهْ
58 - أَوْ أَبَوَانِ مَعَهُمَا زَوْجٌ وَرِثْ ... فَالأُمُّ لِلثُّلُثِ مَعَ
الْجَدِّ تَرِثْ
59 - وَهَكَذَا لَيْسَ شَبِيهاً بالأَبِ ... في زَوْجَةِ الْمَيْتِ وَأُمِّ وَأَبِ
60 - وَحُكْمُهُ وَحُكْمُهُمْ سَيَاتِي ... مُكَمَّلَ الْبيَانِ في الحَالاتِ
3 - والجد مثل الأب إلا في العُمريَّتَيْن، فإن الأُم تأخُذ الثلُثَ كاملاً
بالإجماع، وفي ميراث الإخوة مَعَهُ خِلاف (1).
قال الموفق في المغني:
(قال أبو بكر بن المنذر: أجمع أهل العلم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- على أن الجد أبا الأب لا يحجبه عن الميراث غير الأَب، وأنزلوا الجد في الحَجب
والميراث منزلةَ الأَب في جميع المواضع، إلا في ثلاثة أشياء:
أحدها: زوج وأبوان.
والثانية: زوجة وأبوان، للأُم ثلث الباقي فيهما مع الأَب، وثلث جميع المال لو كان
مكان الأَب جَدٌّ.
والثالثة: اختلفوا في الجد مع الإخوة).
_________
(1) في المطبوع (من خلاف) والتصويب عن المخطوط.
(1/29)
61 -
وَبِنْتُ الابْنِ تَأْخُذُ السُّدْسَ إِذَا ... كَانَتْ مَعَ الْبِنْتِ مِثَالاً
يُحْتَذَى
62 - وَهَكَذَا الأُخْتُ مَعَ الأُخْتِ الَّتِي ... بالأَبَوْيْنِ يَا أُخَيَّ
أَدْلَتِ
4 - وبنت الابن فأكثر تستحق السدس مع البنت، لقول ابن مسعود رضي الله عنه: (قضى
النبي - صلى الله عليه وسلم - في بنتٍ، وبنت ابن، وأخت: للابنة النصف، ولابنة الابن
السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأُخت). رواه البخاري.
5 - وكذلك الأُخت من الأب مع الشقيقة بالإجماع.
6 - والجدة تستحق السدس عند عدم الأُم.
7 - وولد الأُم يستحقه:
أ - عند انفراده.
ب - وعدم الفرع الوارث.
ج - وعدم الأصل الوارث في الذكور، لقول الله تعالى: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ
كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا
السُّدُسُ} [النساء: 12].
(1/30)
63 -
وَالسُّدْسُ فَرْضُ جَدَّةٍ في النَّسَبِ ... وَاحِدَةً كَانَتْ لأُمٍّ أَوْ أَبِ
64 - وَوَلَدُ الأُمِّ يَنَالُ السُّدْسَا ... وَالشَّرْطُ فِي إِفْرَادِهِ لاَ
يُنْسَى
65 - وَإِنْ تَسَاوَى نَسَبُ الْجَدَّاتِ ... وَكُنَّ كُلُّهُنَّ وَارِثَاتِ
66 - فَالسُّدْسُ بَيْنَهُنَّ بالسَّوِيَّهْ ... في الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ
الشَّرْعِيَّهْ
67 - وَإِنْ تَكُنْ قُرْبَى لأُمٍّ حَجَبَتْ ... أمَّ أبٍ بُعْدَى وَسُدْساً
سَلَبَتْ
68 - وَإِنْ تَكُنْ بَالْعَكْسِ فَالْقَوْلاَنِ ... في كُتْبِ أَهْلِ الْعِلْمِ
مَنْصُوصَانِ
69 - لاَ تَسْقُطُ الْبُعْدَى عَلَى الصَّحِيح ... وَاتَّفَقَ الجُلُّ عَلَى
التَّصْحِيحِ
70 - وَكُلُّ مَن أَدْلَتْ بِغَيْرِ وَارِثِ ... فَمَا لَهَا حَظٌ مِنَ
المَوَارِثِ
71 - وَتَسْقُطُ الْبُعْدَى بِذاتِ الْقُرْبِ ... في المَذْهَبِ الأْوْلَى فَقُلْ
لي حَسْبِي
72 - وَقَدْ تَنَاهَتْ قِسْمَةُ الْفُرُوضِ ... مِنْ غَيْرِ إِشْكَالٍ وَلاَ
غُمُوضِ
يرث من الجدات ثلاث:
1 - أمُّ الأُمِّ، 2 - وأمُّ الأَبِ، 3 - وأم أبي الأَب - وإن علون أُمومةً -، فإن
تساوَيْن في الدرجةِ فالسُّدسُ بينهنَّ، ومن قَرُبَتْ فلها وحدَها.
* (مسألة): إذا هلك هالك عن أم أم وأم أب وأم أبي أب، فالسدس لأُم الأُم وأم الأب،
وتسقط أم أبي الأب؛ لأنها أبعد درجة.
* وإذا هلَك عن أم أم أم، وأم أم أم أب، وأم أبي أب فالسدس بينهن، والله أعلم.
(1/31)
بَابُ
التَّعْصيبِ
73 - وَحُقَّ أَنْ نَشْرَعَ في التَّعْصيبِ ... بِكلِّ قَوْلٍ مُوجِزٍ مُصِيبِ
74 - فَكُلُّ مَنْ أَحْرَزَ كُلَّ الْمَالِ ... مِنَ الْقرَابَاتِ أَوِ
الْمَوَالِي
75 - أَوْ كانَ مَا يَفْضُلُ بَعْدَ الْفَرْضِ ... فَهْوَ أَخُو العُصُوبَةِ
المُفَضَّلَهْ
76 - كالأَبِ وَالجَدِّ وَجَدِّ الجَدِّ ... وَالابْنِ عِنْدَ قُرْبِهِ
وَالْبُعْدِ
77 - وَالأَخِ وَابْنِ الأَخِ وَالأَعْمَامِ ... وَالسَّيِّدِ المُعْتِقِ ذِي
الإنْعَامِ
78 - وَهَكَذَا بَنَوْهُمُ جَمِيعا ... فَكُنْ لِمَا أَذْكُرُهُ سَمِيعا
- أجمع العلماء على أن الذي يبقى بعد الفرض للعصَبَةِ يُقَدَّمُ الأقربُ فالأَقرب،
لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألْحِقوا الفرائضَ بأهْلِها فما بقِيَ فهو
لأولى رَجُلٍ ذكر».
وأقربُهم الابنُ، ثم ابنُه - وإن نزَلَ -، ثم الأبُ، ثم الجَدُّ لأَبِ - وإن علا
-، ثم الأَخُ الشقيقُ، ثم الأَخُ لأَب، ثم ابنُ الأخ الشقيق، ثم ابنُ الأَخ لأَب،
ثم العمُّ الشقيقُ، ثم العمُّ لأب، ثم ابنُ العم الشقيق، ثم ابنُ العمِّ لأَبٍ، ثم
أعمامُ الأبِ، ثم بنُوهم كذلك، ثم أعمامُ الجَدِّ، ثم بنُوهم - لا يرِثُ بنو أبٍ
أعلا معَ بني أبِ أقربَ وإن نزلوا - ثم المعتِقُ ثم عَصَبتُه كذلك.
(1/32)
79 -
وَمَا لِذِي الْبُعْدَى مَعَ الْقَرِيبِ ... في الإِرْثِ مِنْ حَظٍّ وَلاَ نَصِيبِ
80 - وَالأَخُ وَالْعَمُّ لأُمٍّ وأَبِ ... أَوْلَى مِنَ الْمُدْلِي بِشطْرِ
النِّسَبِ
81 - وَالأَخَوَاتُ إِنْ تَكُنْ بَنَاتُ ... يُعَصِّبانِهِنَّ فِي الْمِيرَاثِ
82 - وَالأَخَوَاتُ إِنْ تَكُنْ بَنَاتُ ... فَهُنَّ مَعْهُنَّ مُعَصِّبَاتُ
83 - وَلَيْسَ في النِّساءِ طُراً ... إِلاَّ الَّتِي مَنَّتْ بِعِتْقِ
الرَّقَبَهْ
جهات العصوبة ست:
1 - بنُوَّة، 2 - ثُمَّ أبُوَّة، 3 - ثُمَّ أُخُوَّة، 4 - ثُمَّ بنو إخْوَة، 5 -
ثُمَّ عمومة، 6 - ثُمَّ ولاء.
قال الجُعبُريُّ - رحمه الله تعالى -:
فبالجهةِ التقديمُ ثم بقربِه ... وبعدهُما التقديمُ بالقوةِ اجْعَلا
- وابنُ الابن يعصِّبُ أخواتِه وبناتِ عمِّه، ويعصِّبُ من أعلا منه إذا لم يكنْ
لهنَّ فرضٌ.
- ولا يرِثُ النساءُ بالولاءِ إلا من أعتقْنَ أو أعتقَهُ من أعتَقْن (1).
_________
(1) قوله: (ولا يرث النساء بالتعصيب إلاَّ من أعتَقْنَ أوأعتقَهُ من أعتقْن)، هذه
العبارةُ صحيحةٌ، ولكنْ الأَوْلَى أن تُذكرَ قبلَهُ مقدِّمةً أُولى، وهي: (ولا
يرِثُ النساءُ بالتعصيبِ إلاَّ بالولاءِ)، لأنَّ قَولَ الناظم:
(وَلَيْسَ في النِّساءِ طُراً عَصَبَهْ ... إِلاَّ الَّتِي مَنَّتْ بِعِتْقِ
الرَّقَبَه)
يختزِلُ هاتين المقدِّمتين.
(1/33)
بَابُ
الْحَجْبِ
84 - وَالجَدُّ مَحْجُوبٌ عَنِ الْمِيرَاثِ ... بِالأَبِ في أحْوَالِهِ الثَّلاَثِ
85 - وَتَسْقُطُ الجَدَّاتُ مِنْ كُلِّ جِهَهْ ... بِالأُمِّ فَافْهَمْهُ وَقِسْ
مَا أَشْبَهَهْ
86 - وَهَكَذَا ابْنُ الابْنِ بالابن فَلاَ ... تَبْغِ عَنِ الحُكْمِ الصَّحِيحِ
مَعْدِلاَ وَبِالأَبِ
87 - وَتَسْقُطُ الإِخْوَةُ بِالبَنِينَا ... الأَدْنَى كَمَا رَوينَا ...
88 - أَوْ بِبَنِي البنينَ كَيْفَ كَانُوا ... سِيَّانِ فيهِ الْجَمْعُ
وَالْوِحْدَانُ
89 - وَيَفْضُلُ ابْنُ الأُمِّ بِالإِسْقَاطِ ... بِالْجَدِّ فَافْهَمْهُ عَلَى
احْتِيَاطِ
- الحجب من أعظم أبواب الفرائض وأهمها، وهو قسمان:
1 - حجب حرمان: ويدخل على جميعِ الورثة إلا الأولادِ والأبوين والزوجين.
2 - وحجب نقصان: ويدخُلُ على جميعِهم.
- والجَدُّ يُسقِطُ الإخوةَ من الأُم بالإِجماع، ويُسقِط سائرَ الإِخوة على
الصحيح.
(1/34)
90 -
وَبالْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الإِبْنِ ... جَمْعاً وَوِحْدَاناً فَقُلْ لي زِدْنِي
91 - ثُمَّ بَنَاتُ الإِبْنِ يَسْقُطْنَ مَتَى ... حَازَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ
يَا فتَى
92 - إِلاَّ إذَا عَصَّبَهُنَّ الذَّكَرُ ... مِنْ وَلَدِ الابْنِ عَلَى مَا
ذَكَرُوا
93 - وَمِثْلُهُنَّ الأَخَوَاتُ اللاَّتِي ... يُدْلِيْنَ بِالْقُرْبِ مِنْ
الْجِهَاتِ
94 - إذَا أَخَذْنَ فَرْضَهُنَّ وَافِيَا ... أَسْقَطْنَ أَوْلاَدَ الأَبِ
الْبَوَاكِيَا
95 - وَإِنْ يَكُنْ أَخٌ لَهُنَّ حَاضِرَا ... عَصَّبَهُنَّ بَاطِناً وَظَاهِرَا
96 - 96 - وَلَيْسَ ابْنُ الأَخِ بِالْمُعَصِّبِ ... مَنْ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ
في الْنَّسَبِ
- أجمعَ أهل العلم على أن بنات الأصل متى استكملن الثلثين سقط بنات الأَب، ما لم
يكن بإزائهن أو أسفل منهن ذكر يعصبهن.
- وكذلك الأخوات من الأب يسقطن إذا استكمل الشقيقات الثلثين، ولا يعصبهن إلا
أخوهن.
(1/35)
بابُ
الْمُشَرَّكَة
97 - وَإِنْ تَجِدْ زَوْجاً وَأمّاً وَرِثَا ... وَإِخْوةً للأُمِّ حَازُوا
الثُّلُثَا
98 - وَإِخْوَةً أَيْضاً لأُمٍّ وَأَبِ ... واَسْتَغْرَقُوا المَالَ بِفَرْضِ
النُّصُبِ
99 - فَاجْعَلْهُمُ كُلَّهُمُ لأُمِّ ... وَاجْعَلْ أَبَاهُمْ حَجَراً فِي
الْيَمِّ
100 - وَاقْسَمْ عَلَى الإِخْوَةِ ثُلْثَ التَّركَهْ ... فَهذِهِ الْمَسْأَلَةُ
الْمُشَرَّكَه
- تشريكُ الأشقاء مع الإخوة لأُم؛ مذهب زيد بن ثابت ومن تبعه، والصحيح عدم
تشريكهم، وهو رواية عن زيد؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألْحِقوا الفرائض
بأهْلِها فَمَا بَقِيَ فهو لأَولى رَجُلٍ ذَكَر»، والأشقاء أهلُ تعصيبٍ لا فرضٍ.
(1/36)
بَابُ
الْجَدِّ وَالإِخْوَةِ
101 - وَنَبْتَدِي الآنَ بِمَا أَرَدْنَا ... فِي الْجَدِّ وَالإِخْوَةِ إِذ
وَعَدْنَا
102 - فَأَلْقِ نَحْوَ مَا أَقُولُ السَّمْعَا ... وَاجْمَعْ حَوَاشِي
الْكَلِمَاتِ جَمْعَا
103 - وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْجَدَّ ذُو أَحْوَالِ ... أُنْبِيك عَنْهُنَّ عَلَى
التَّوالِي
104 - يُقَاسِمُ الإِخْوَةَ فِيهِنَّ إِذا ... لَمْ يَعُدِ الْقَسْمُ عَلَيْهِ
بِالأَذَى
105 - فَتَارَةً يَأخُذُ ثلْثاً كَامِلاَ ... إِنْ كَانَ بِالْقِسْمَةِ عَنْهُ
نَازِلاَ
106 - إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذُو سِهَامِ ... فَاقْنَعْ بإِيضَاحِي عَنِ
اسْتِفْهَام
107 - وَتَارَةً يَأْخُذُ ثلثَ الْبَاقِي ... بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ
وَالأَرْزَاقِ
108 - هذَا إِذَا مَا كَانَتِ الْمُقَاسَمَهْ ... تُنْقِصُهُ عْنْ ذَاكَ
بِالمزَاحَمَه
109 - وَتَارَةً يَأْخُذُ سُدْسَ الْمَالِ ... وَلَيْسَ عَنْهُ نَازِلاً بِحَالِ
110 - وَهْوَ مَعَ الإِنَاثِ عْنْدَ الْقَسْم ... مِثْلُ أَخٍ في سَهْمِهِ
وَالْحُكْمِ
111 - إلاَّ مَعَ الأُمِّ فَلاَ يَحْجُبُهَا ... بَلْ ثُلُثُ الْمَالِ لَهَا
يَصْحَبُهَا
112 - واحْسُب بَنِي الأَبِ لَدَى الأَعْدَادِ ... وَارْفُضْ بَنِي الأُمِّ مَعَ
الأَجْدَادِ
113 - وَاحْكُمْ عَلَى الإِخْوَةِ بَعْدَ الْعَدِّ ... حُكْمُكَ فِيهِمْ عِنْدَ
فَقْدِ الْجَدِّ
- للجَدِّ مع الإخوة الأحظ من إحدى ثلاث:
الأولى: المقاسمة.
الثانية: ثلث المال، ومع ذي فرض ثلث ما بقي.
الثالثة: سُدس المال.
والصحيح: أن الأخوة لا يرثون مع الجَدِّ، لأنه أقدمُ منهُم، قال البخاري: (وقال
أبو بكر وابن عباس وابن الزبير: " الجَدُّ أَبٌ "، ولمْ يُذْكَرْ أنَّ
أحَداً خالَفَ أبا بَكرٍ في زمانهِ، وأصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -
متوافرون، ويُذكَرُ عن عُمَرَ وعليٍّ وابنِ مسعودٍ وزيدٍ أقاويلُ مختلفةٌ).
(1/37)
بابُ
الأَكْدَرِيَّةِ
114 - والأُخْتُ لاَ فَرْضَ مَعَ الْجَدِّ لَهَا ... فِيمَا عَدَا مَسْأَلَةٍ
كَمَّلَهَا
115 - زَوْجٌ وَأُمٌّ وَهُمَا تَمَامُهَا ... فَاعْلَمْ فَخَيْرُ أُمَّةٍ
عُلاَّمُهَا
116 - تُعَرَفُ يَا صَاح بِالأَكْدَرِيَّهْ ... وَهْيَ بِأَنْ تَعْرِفَهَا
حَرِيَّهْ
117 - فَيُفْرَضُ النِّصْفُ لهَا والسُّدْسُ لَهْ ... حَتَّى تَعُولَ بِالْفُرُوضِ
الْمُجْمَلَهْ
118 - ثُمَّ يَعُوْدَانِ إِلَى الْمُقَاسَمَهْ ... كَما مَضَى فَاحْفَظْهُوَا
شْكُرْ نَاظِمَهْ
سُمِّيت هذه المسألة " بالأكدرية ": لأنها كدَّرت على زيدٍ مذهَبَه في
الجَدِّ والإِخوة، والصحيح: أن جميع الإخوة لا يرثون مع الجد شيئاً.
(1/38)
بَابُ
الْحِسَابِ
119 - وَإِنْ تُرِدْ مَعْرِفَةَ الْحِسَابِ ... لِتَهْتَدِي فِيهِ إِلَى
الصَّوَابِ
120 - وَتَعْرفَ الْقِسْمَةَ وَالتَّفْصِيلاَ ... وَتَعْلَمَ التَّصْحِيحَ
وَالتَّأْصِيْلاَ
121 - فَاسْتَخْرِجِ الأُصُولَ في المَسَائِلِ ... وَلاَ تَكُنْ عَنْ حِفْظِهَا
بِذَاهِلِ
122 - فَإنَّهُنَّ سَبْعَةٌ أُصُولُ ... ثَلاَثَةٌ مِنْهُنَّ قَدْ تَعُولُ
123 - وَبَعْدَهَا أَرْبَعَةٌ تَمَامُ ... لا عَوْلَ يَعْرُوهَا وَلاَ انْثِلاَمُ
- حساب الفرائض يشتمل على: تأصيلٍ وتصحيحٍ ومسائل وصور، والأُصول سبعة، ثلاثةٌ قد
تَعُول، وأربعةٌ لا تَعُول.
- والعَوْل: زيادةٌ في السهام، ونُقصانٌ في أنْصِبَاء الورثة.
(1/39)
124
- فَالسُّدْسُ مِنْ سِتَةِ أَسْهُمٍ يُرَى ... وَالثُّلْثُ وَالرُّبْعُ مِنْ
اثْنَيْ عَشَرَا
125 - والثُّمْنُ إِنْ ضُمَّ إِلَيْهِ السُّدْسُ ... فَأَصْلُهُ الصَّادِقُ فِيهِ
الْحَدْسُ
126 - أَرْبَعَةٌ يَتْبَعُهَا عِشْرُونَا ... يَعْرِفُهَا الحُسَّابُ أَجْمَعُونَا
127 - فَهَذِهِ الثَّلاَثَةُ الأُصُولُ ... إِنْ كَثُرَتْ فُرُوضُهَا تَعُولُ
128 - فَتَبْلُغُ السِّتَةُ عِقْدَ الْعَشَرَهْ ... فِي صُورَةٍ مَعْروفَةٍ
مُشْتَهَرَهْ
129 - وَتَلْحَقُ الَّتِي تَلِيَهَا فِي الأَثَرْ ... في العَوْلِ أَفْرَاداً
إِلَى سَبْعَ عَشَرْ
130 - وَالْعَدَدُ الثَّالِثُ قَدْ يَعُولُ ... بِثُمْنِهِ فَاعْمَلْ بِمَا
أَقُولُ
- أصل ستة: يعُولُ إلى سبعة وإلى ثمانية وإلى تسعة وإلى عشرة.
- وأصل اثني عشر: يعُولُ إلى ثلاثة عشر وخمسة عشر وسبعة عشر.
- وأصل أربعة وعشرين: يعُولُ مرةً واحدةً إلى سبعةٍ وعشرين.
(1/40)
131
- وَالنِّصْفُ وَالْبَاقِي أَوِ النِّصْفَانِ ... أَصْلهمَا فِي حُكْمِهِمُ اثنان
132 - وَالثُّلْثُ مِنْ ثَلاَثَةٍ يَكُونُ ... وَالرُّبْعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ
مَسْنُونُ
133 - وَالثُّمْنُ إِنْ كَانَ فِمْنْ ثَمَانِيَهْ ... فَهَذِهِ هِيَ الأُصُولُ
الثَّانِيَهْ
134 - لاَ يَدْخُلُ الْعَوْلُ عَلَيْهَا فَاعْلَمِ ... ثُمَّ اسْلُكِ التَّصْحِيحَ
فيهَا وَاقْسِمِ
135 - وَإِنْ تَكُنْ مِنْ أَصْلِهَا تَصحُّ ... فَتَرْكُ تَطْوِيلِ الْحِسَابِ
رِبْحُ
136 - فَأَعْطِ كُلاً سَهْمَهُ مِنْ أَصْلِهَا ... مُكَمَّلاَ أَوْ عَائِلاً مِنْ
عَوْلِهَا
- إذا انقسمت المسألة على الورثة كاملةً أو عائلةً، أخذ كل وارثٍ حقَّهُ، فلا
تحتاجُ إلى عمل، لأنَّه تعبٌ بلا فائدة.
(1/41)
137
- وَإِنْ تَرَ السِّهَامَ لَيْسَتْ تَنْقِسِمْ ... عَلَى ذَوِي المِيرَاثِ
فَاتْبَعْ مَا رُسِمْ
138 - وَاطْلبْ طَرِيقَ الاخْتصَارِ في العَمَلْ ... بِالوَفْقِ وَالضَّرْبِ
يُجَانِبْكَ الزَّلَلْ
139 - وَارْدُدْ إِلَى الوَفْقِ الَّذِي يُوَافِقُ ... وَاضْرِبْهُ في الأَصْلِ
فَأَنْتَ الحَاذِق
140 - وَإِنْ كَانَ جِنْساً وَاحِداً أَوْ أَكْثَرَا ... فاحفظ ودع عنك الجدال
والمِرا
- إذا انكسر سهمُ فريقٍ عليهِم، ضَربْتَ عددَهم -إن بايَنَ سهامهم -، أو وَفقه -
إن وافقه - بجزء في أصلِ المسألة، أو عَولِها إن عالَت، فما بلَغَ صَحَّت منه،
ويصيرُ لواحدِهم ما كان لجماعتِه أو وافقَه.
مثال المباينة: زوج وخمسة بنين.
أصلها: من أربعة، وجزء سهمها: خمسة، وتصح من عشرين.
ومثال الموافقة: زوج وستة بنين.
أصلها: من أربعة، وجزء سهمها: اثنان، وتصح من ثمانية.
(1/42)
141
- وَإِنْ تَرَ الْكَسْرَ عَلَى أَجْنَاسِ ... فَإِنَّهَا فِي الْحُكْمِ عِنْدَ
النَّاسِ
142 - تُحْصَرُ فِي أَرْبَعةٍ أَقْسَامِ ... يَعْرِفُهَا الْمَاهِرُ فِي
الأَحْكَامِ
143 - مُمَاثِلٌ مِنْ بَعْدِهِ مُنَاسِبُ ... وَبَعْدَهُ مُوافِقٌ مُصَاحِبُ
144 - وَالرَّابعُ المُبَايِنُ الْمخَالِفُ ... يُنْبِيكَ عْنْ تَفْصِليهنَّ
الْعَارِفُ
- المماثَلَة: كخمسة وخمسة، والمناسبة: كاثنين وأربعة، والموافقة: كأربعة وستة،
والمبايَنَة: كاثنين وثلاثة.
(1/43)
145
- فَخُذْ مِنَ المُمَاثِلَيْنِ وَاحِدَا ... وَخُذْ مِنَ المُنَاسِبَيْنِ
الزَّائِدَا
146 - وَاضْرِبْ جَمِيعَ الْوَفْقِ فِي المُوَافِقِ ... وَاسْلُكْ بِذَاكَ
أَنْهَجَ الطَّرَائِقِ
147 - فَذَاكَ جُزْءُ السَّهْمِ فَاعْلَمَنْهُ ... وَاحْذَرْ هُدِيتَ أَنْ تَضِلَّ
عَنْهُ
- جُزء السهم: هو أحدُ المتماثِلَيْن، وأكبرُ المُتداخِلَيْنِ، وحاصلُ ضَربِ أحدِ
المتوافِقَيْن في كاملِ الآخرِ، وحاصلُ ضربِ أحَدِ المتبايِنَيْن في الآخرِ.
(1/44)
148
- وَاضْرِبْهُ في الأَصْلِ الَّذي تَأَصَّلاَ ... وَأَحْصِ مَا انْضَمَّ وَمَا
تَحَصَّلاَ
149 - وَاقْسِمْهُ فَالْقَسْمُ إِذاً صَحِيحُ ... يَعْرِفُهُ الأَعْجَمُ
والْفَصِيحُ
150 - فهذِهِ مِنَ الْحِسَابِ جُمَلُ ... يَأْتِي عَلَى مِثَالِهِنَّ الْعَمل
151 - مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ وَلاَ اعْتِسَافِ ... فَاقْنَعْ بَمَا بُيِّنَ فَهْوَ
كَافِي
- إذا كان الكَسرُ على فريقَين فأَكْثَر، نظَرْتَ بيَن كُلِّ فريقٍ وسهامِه،
فتثبِتُ المبايِنَ، ووَفْقَ الموافِقِ، ثم تنظُرُ بين المثبَتات بالنِّسَبِ
الأربعِ، وهي المُماثَلةُ، والمُناسَبَةُ - وتُسَمَّى المداخَلَة -، والموافَقَةُ،
والمبايَنَة، فتَضرِبُ بعضَها في بعضٍ، فما بلَغَ فهو جُزءُ السَّهْمِ، ثم
تَضْرِبُهُ في المسألَةِ:
1 - فإن كانَتْ الرؤوسُ متماثلةً، اكتفَيْتَ بأحَدِ المُتَماثِلَيْن.
* مثاله: أربعُ زوجاتٍ وأربعةُ أعمامٍ، أصلُها: من أربعة، وجُزْءُ سهمِها: أربعة،
وتَصِحُّ من ستة عشرة.
2 - والمداخَلَةُ: أنْ ينقَسِمَ الأكبَرُ على الأصغرِ من غيرِ كَسرٍ.
3 - والموافَقَةُ: أنْ يتَّفِقَ الفريقانِ فأكثر بجُزْءٍ من الأجزاء.
4 - والمبايَنَة: هي ما لم يكن فيها مماثَلَة ولا مداخَلَة ولا موافَقَة.
* ومثالُ المداخَلَة: أخَوانِ لأُم وثمانيةُ إخوةٍ لأبٍ، أصلها: من ثلاثة، وجزء
سهمها: أربعة، وتَصِحُّ من اثني عشر.
* ومثالُ الموافَقَة: أربعُ زوجاتٍ وأختُ شقيقةٌ واثنتا عشرة أختاً لأبٍ وعشرةُ
أعمامٍ، أصلُها: من اثني عشر، وجُزءُ سهمها: ستون، وتَصِحُّ من سبعمائة وعشرين.
(1/45)
* ومثالُ المبايَنَة: خمس بنات وثلاث جدَّات وأربع زوجات وسبعة أعمام، أصلُها: من أربعةٍ وعشرين، وجزْءُ سهمها: أربعمائة وعشرون، وتَصِحُّ من عشرةِ آلاف وثمانين.
(1/46)
بَابُ
الْمُنَاسَخَاتِ
152 - وَإِنْ يَمُتْ آخَرُ قَبْلَ الْقِسْمَهْ ... فَصَحِّح الحِسَاب وَاعْرِفْ
سَهْمَهْ
153 - وَاجْعَلْ لَهُ مَسْأَلَةً أُخْرَى كَمَا ... قَدْ بُيِّنَ التَّفْصِيلُ
فِيمَا قُدِّمَا
المناسخات: أن يمُوتَ من الورثةِ واحدٌ فأكثر قبلَ قِسمةِ التَّرِكة.
ولها ثلاثة أحوال:
1 - فإذا مات شخص فلم تُقسم تركتُه حتى مات بعضُ ورثته، فإن ورثوا الثاني كالأول،
فاقسمها على من بقي.
* مثاله: أن يموت ميت عن أربعة بنين وثلاث بنات، ثم مات ابن، فاقسمها على رؤوس
الباقين تسعة، وهكذا تفعل، فإنْ لمْ يَبْقَ إلا ابنٌ وبنتٌ، فاقسِمْها على عددِ
رُؤوسهِم ثلاثة.
2 - الحال الثاني: وإن كان ورثة كل ميِّتٍ لا يرِثُون غيرَه، فصَحِّحْ المسألة
الأولى واقسِمْ أسهُمَ كلَّ مَيِّتٍ على مسألتِه، وصَحِّحْ المنكسِرَ كما سَبَق.
* مثاله: ماتَ اثنان عن ثلاثة بنين، فلم تُقسَمُ التَّرِكَةُ حتى ماتَ أحدُهم عن
ابنين، والثاني عن ثلاثةٍ والثالث عن أربعة، فالمسألة الأولى من ثلاثة، ومسألة
الأول من البنين من اثنين، والثاني من ثلاثة، والثالث من أربعة، ومسائلهم مبايِنةٌ
لسهامِهم، فتَنظُرُ بين المسائلِ الثلاثِ بالنِّسَبِ الأربعِ، فتجدُ الأُولى
داخلةً في الثالثة، والثالثةَ مبايِنَةً للثانيةِ، فتضرِبُ الثانيةَ - وهي ثلاثةٌ-
في الثالثةِ - وهي أربعةٌ-، فيحصُلُ اثنا عشَر، وهو كجُزءِ السهمِ، فتضرِبُهُ في
الأُولى، فتبلُغُ ستةً وثلاثين، ومنها تَصِحُّ، فمَنْ لهُ شيءٌ الأَوْلَى أخذُه
مضروباً فيما هو كجُزءِ السَّهم، فللأوَّلِ من البنين واحدٌ مضروبٌ في اثني عشر
لابنَيه، لِكلِّ واحدٍ ستَّةٌ، وللثاني كذلك، لبنِيه الثلاثة، لكلِّ واحدٍ أربعةٌ،
ولكلِّ واحدٍ من أبناء الثالثِ ثلاثةٌ.
(1/47)
154
- وَإِنْ تَكُنْ لَيْسَتْ عَلَيْهَا تَنْقَسِمْ ... فَارْجِعْ إِلَى الْوَفْقِ
بِهذَا قَدْ حُكِمْ
155 - وَانْظُرْ فَإِنْ وَافَقَتِ السِّهَامَا ... فَخُذْ هُدِيتَ وَفْقَهَا
تَمَامَا
156 - وَاضْرِبْهُ أَوْ جَمِيعَهَا في السَّابِقَهْ ... إِنْ لَمْ تَكُنْ
بَيْنَهُمَا مُوَافَقَهْ
157 - وَكُلُّ سِهْمٍ فِي جَمِيعِ الثَّانِيَهْ ... يُضْرَبُ أَوْ فِي وَفْقَهَا
عَلاَنِيَهْ
158 - وَأَسْهُمُ الأُخْرَى فَفِي السِّهَامِ ... تُضْرَبُ أَوْ فِي وَفْقِهَا
تَمَامِ
159 - فَهَذِهِ طَرِيقَة الْمُنَاسَخَهْ ... فارْقَ بِهَا رُتْبَةَ فَضْلٍ
شَامِخَهْ
3 - الحال الثالث: وهو ثلاثَةُ أقسامٍ:
- فإن لم يرِثُوا الثاني كالأوَّلِ، صحَّحْتَ المسألةَ الأُولى، وقسَمْتَ أسهُمَ
الثاني على ورثتِه، فإن انقسمَتْ صحَّتا من أصلِها.
- وإن لمْ تنقسِمْ سهامُ الثاني على مسألتِه، ضرَبْتَ كلَّ الثانية، أو وَفقَها
للسهامِ في الأُولى، فما بلغَ فهو الجامعة، ومَنْ لهُ شيءٌ من الأُولى أخَذَه
مضروباً في الثانية أو وَفقِها، ومنْ لهُ شيءٌ من الثانيةِ أخذَهُ مضروباً في
سهامِ مورِّثه أو وَفقِه.
- وتعمَلُ في الميِّتِ الثالثِ فأكثر، عملَكَ في الثاني معَ الأول.
(1/48)
*
مثال الانقسام: أنْ يموتَ رجلٌ عن زوجةٍ وبنتٍ وأخٍ، ثم ماتَتْ البنتُ عن زوجٍ
وبنتٍ وعمٍّ، فالمسألةُ الأولى من ثمانية، وسهامُ البنتِ منها أربعةٌ، ومسألتُها
من أربعة، فصحَّتا مِن الثمانية.
* ومثال المبايَنة: أنْ يموتَ شخصٌ عن أمٍّ وأختٍ لأبٍ وعمٍّ، فلمْ تُقسَم التركَةُ
حتى ماتتْ الأختُ عن زوجٍ وابنٍ، فالمسألةُ الأولى، من سِتَّةٍ، والثانيةُ من
أربعَةٍ، وسهامُها تُبايِنُ مسألتَها، فتَضرِب أربعةً في ستةٍ، تبلُغُ أربعَةً
وعشرين، منها تصِحُّ وهي الجامعة، فَمَنْ لهُ شيءٌ من الأُولى أخذَه مضروباً في
الثانيةِ، ومَنْ لهُ شيءٌ من الثانيةِ أخَذَه مضروباً في سِهامِ مورِّثه.
* ومثال الموافقة: أن تموت امرأةٌ عن زوجٍ وبنتٍ وأخٍ، فلم تُقسَم التركةُ حتى
ماتَتْ البنتُ عن زوجٍ وابنٍ، فالمسألةُ الأُولى مِن أربعةٍ، والثانية من أربعةٍ،
وسهامُ الهالكِ الثاني توافِقُ مسألتَهُ بالنِّصفِ، فتضرِبُ وَفقَ الثانية في
الأُولى تبلغُ ثمانيةً، منها تصِحُّ وهي الجامعة، مَنْ لَهُ شيءٌ من الأُولى أخذه
مضروباً في وَفق الثانية، ومن لهُ شيءٌ من الثانية أخذَهُ مضروباً في وَفق سِهام
مورِّثِه.
(1/49)
فصل
وقسمة التركات هي الثمرة المقصودة من علم الفرائض، فإذا أمكنَ نسبةُ سهمِ كُلِّ
وارثٍ من المسألةِ بجزءٍ فلهُ من التركةِ كَنِسْبَتهِ.
* فلو ماتت امرأة عن تسعين ديناراً، وخلَّفت زوجاً وأبوَيْن وابنتين، فالمسألة من
خمسة عشر، للزَّوجِ منها ثلاثة وهي خُمْسُ المسألة، فله خُمس التركة: ثمانية عشر
ديناراً، ولكل واحدٍ من الأبوين اثنان وهما ثلثا خمس المسألة، فيكون لكُلٍّ منهما
ثلثا خمس التركة: اثنا عشر ديناراً، ولكل من البنتين أربعة، وهي خُمس المسألة
وثُلُث خُمسِها، فلها من التركة: أربعة وعشرون ديناراً، والله أعلم.
(1/50)
بَابُ
مِيرَاثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَالْمَفْقُودِ وَالْحَمْلِ
160 - وَإِنْ يَكُنْ فِي مُسْتَحِقِّ الْمَالِ ... خُنْثَى صِحِيحٌ بَيِّنُ
الإِشْكَالِ
161 - فَابْنِ عَلَى الأَقَلِّ وَالْيَقِينِ ... تَحْظَ بِحَقِّ الْقِسْمَةِ
الْمُبِينِ
162 - وَاحْكمْ عَلَى المَفْقُودِ حُكمَ الخُنْثَى ... إِنْ ذَكَراً كَانَ أَوْ
هُوَ أُنْثَى
163 - وَهكَذَا حُكْمُ ذَوَاتِ الْحَمْلِ ... فَابْنِ عَلَى الْيَقِينِ
وَالأَقَلِّ
- الخُنْثَى المشكل يرث نصف ميراث ذكر، ونصف ميراث أنثى، فإن رُجِى انكشافُهُ،
أُعطِيَ ومَن مَعَهُ اليقينَ إن طَلَبوا القسمة، ووُقِفَ الباقي حتى يبلُغُ.
* فإذا مات إنسان عن ابن وولدٍ خُنثَى لا يُرجَى انكشافُه، فمسألة الذكوريَّةِ من
اثنين، والأنوثيَّة من ثلاثة، وهما متباينتان، فتَضرِبُ إحداهما في الأخرى، تبلُغُ
ستة، فتضرِبُها في حالتي الخنثى اثنين، تصح من اثني عشر، للذكر سبعةٌ وللخنثى
خمسة.
(1/51)
فصل
في المفقود
من خَفِيَ خبراً بأسْرٍ أو سَفَرٍ غالِبُه السلامةُ، انتُظِرَ بِه تمامُ تسعين
سنةٍ منذ وُلِد، وإن كان غالبُهُ الهلاكُ، انتظِرَ بِه تمامُ أربع سنين منذُ
فُقِد، ثم يُقسَم مالُه، ولا يرِثُه إلاَّ الأحياءُ حينَ القَسْم.
- فإن مات مورِّثه في مُدة الترَبُّصِ، أخَذَ كُلُّ وارثٍ اليقينَ ووُقِف الباقي،
فإن قدِم أخذَ نصيبه، وإن لم يأتِ فحكمُه حُكْمُ مالِه.
فصل في الحمل
وإذا طلَبَ الورثةُ القسمةَ وفيهم حَمْلٌ، وُقِفَ له الأكثرُ من إرثِ ذكرين أو
أنثيين، فإذا وُلِدَ أخَذ حَقَّه، والباقي لمستحِقِّه.
(1/52)
بَابُ
مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى ونَحْوِهِمْ
164 - وَإِنْ يَمْتْ قَوْمٌ بِهَدْمٍ أَوْ غَرَقْ ... أَوْ حَادِثٍ عَمَّ
الجَمِيعَ كَالْحَرَقْ
165 - وَلَمْ يَكُنْ يُعْلَمُ حَالُ الْسَّابِقِ ... فَلاَ تُوَرِّثْ زَاهِقاً
مِنْ زَاهِقِ
166 - وَعُدَّهُ مْكَأَنَّهُمْ أَجَانِبُ ... فَهكَذَا الْقَوْلُ السَّدِيدُ
الْصَّائِبُ
167 - وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى التَّمَامِ ... حَمْداً كَثِيراً تَمَّ فِي
الْدَّوَامِ
168 - نَسْأَلُهُ الْعَفْوَ عَنِ التَّقْصِيرِ ... وَخَيْرَ مَا نأمَلُ فِي
الْمَصِيرِ
169 - وَغَفْرَ مَا كَانَ مِنْ الذُّنُوب ... وَسَتْرَ مَا شَانَ مِنَ الْعُيُوب
170 - وَأَفْضَلُ الْصَّلاَةِ وَالْتَّسْلِيمِ ... عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى
الْكَرِيمِ
171 - مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنَأمِ الْعَاقِبِ ... وَآلِهِ الْغُرِّ ذَوِي
الْمَنَاقِبِ
172 - وَصَحْبِهِ الأَماجِدِ الأَبْرَارِ ... الصَّفْوَةِ الأَكَابِرِ الأَخْيَارِ
- إذا ماتَ مُتوارثان وجُهِل أولُهما موتاً لمْ يتوارثا، وهذا قولُ الأَئِمَّة
الثلاثة، وهو الصواب.
(1/53)
تتمة
في الردَّ وذوي الأرحام
إذا بقِي بعدَ الفُروضِ شيءٌ ولمْ يكُنْ عصبةٌ، رُدَّ على ذي فرضٍ بقَدْرِه غير
الزوجين، وإن كان المردودُ عليه واحداً، أخذَ المالَ كُلَّه.
* فإذا هلك هالكٌ عن جدة وأخ لأُم، فمسألتها من اثنين، وإذا كان معهما زوج، فمسألة
الزوج من اثنين، ومسألةُ الردِّ من اثنين، فتضربها في مسألة الزوج وتصُحٌّ من
أربعة.
* وإذا مات رجل عن زوجة وأم وأخ لأم، صحَّتْ من أربعة.
فصل
وأولوا الأرحام يتوارثون، وهم: كلُّ قريبٍ ليس بذي فَرضٍ ولا تعصيبٍ. وهم أقدم من
بيت المال، وعند الشافعية: أنَّ بيتَ المال إذا كان مُنتَظماً أولَى من ذوي
الأرحام.
والصحيح: أنهم أقدم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الخال وارث من لا وارث
له». فيرِثون بالتنزيل، الذكرُ والأنثى سواء.
والتنزيلُ: أن تجعلَ كلَّ شخصٍ بمنزلةِ منْ أولى به، فولد البنات وولد بنات البنين
وولد الأخوات كأمهاتهم، وبنات الإخوة وبنات الأعمام وبنات بنيهم وولد الإخوة لأم
كآبائهم.
(1/54)
*
مثاله: هالك هالكٌ عن ابني بنت وأختهما، وعن ابن بنت ابن وأخته، وعن ابن أختٍ
شقيقةٍ وأخته، وعن ابن أخت لأب وأخته، وعن ابن أخت لأم وأختِه، فالمسألة من ستة،
لأولاد البنت النصف ثلاثة، لكل ذكر سهم، وللأُنثى سهم، وأولاد بنت الابن السدس
واحد، وأولاد الشقيقة الباقي اثنان، ويسقط أولاد الأخت لأب وأولاد الأخت لأُم.
* وإذا هلك هالكٌ عن أولاد أخت شقيقة وأولاد أخت لأب وأولاد أخ وأخت لأم، فلأولاد
الشقيقة النصف، ولأولاد الأخت من الأب السدس، ولأولاد الإخوة من الأُم الثلث.
* وإذا هلك هالكٌ عن بنت أخ شقيق وبنت أخ لأب وبنت أخ لأُم وبنت عم، فلولد الأخ من
الأُم السدس، والباقي لبنت الأخ الشقيق.
- والأخوال والخالات وأبو الأم كالأم، والعمَّات والعم لأم ... كالأَب.
فإنْ خلَّف ثلاث خالات متفرقات، وثلاث عمات متفرقات، فالثلث للخالات أخماساً،
والثلثان للعمَّات أخماساً، وتصح من خمسة عشر.
وفي ثلاثة أخوال متفرقين، لذي الأُم السدس، والباقي للشقيق، وإن كان معهم أبو أم
أسقطهم.
وفي ثلاث بنات عمومة متفرقين، المال للتي (مِنْ قِبَلِ) (1) الأبوين.
- وجهات ذوي الأرحام ثلاث: أبُوَّة وأمُومة وبُنُوَّة، ويسقُط البعيدُ من الوارثِ
بالأقرب إذا اتَّحَدتْ الجِهةُ؛ ففي بنت بنت بنت وبنت بنت ابن، المال لبنت بنت
الابن، لأنها أقرب إلى الوارث، وفي بنت بنت بنت وبنت أخ لأب، المال بينهما،
لاختلاف الجهة.
_________
(1) ما بين القوسين زيادةٌ يقتضيها السياق.
(1/55)
*
وإذا هلك هالك عن بنت بنت وبنت عم لأب وعن خال، فالمسألة من ستة، لبنت البنت ثلاثة
نصيب أمها، وللخال واحد نصيب أخته، والباقي اثنان لبنت العم، وهما نصيب أبيها.
* وإذا هلكَ عن عمة وبنت أخ، فالمال للعمَّة، لأنها تُدْلِي (1) بالأبِ.
* وإذا هلكَ عن زوجٍ وبنتِ أختٍ شقيقةٍ وبنتِ أختٍ لأبٍ وبنتِ أختٍ لأمٍّ، فمسألةُ
الزوجِ من اثنين، ومسألة ذوي الأرحامِ من خمسةٍ، فتَضرِبُها في مسألة الزوجِ،
وتصِحُّ من عشرةٍ.
- ولا يعُولُ هنا إلا أصلُ ستةٍ إلى سبعةٍ، كخالةٍ وبِنتَي أُختين لأَبوين وبِنتَي
أُختين لأم، للخالةِ سهمٌ، ولبنتي الشقيقتين أربعةٌ، ولبنتي الإخوة لأُم سهمان،
والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.
[وهذا آخر ما كتبته من خطِّ جامعها شيخِنا الشيخ فيصل بن ... عبد العزيز آل مبارك
حفظه الله تعالى. وصلَّى اللهُ على محمدٍ، وعلى آلِه وأصحابِه وسَلَّم.
تَحَرَّرَ في 7/ 3/ 1369 هـ]
_________
(1) كذا في طبعة: " المكتبة الأهلية "، وفي بقية المطبوع " تدني
" وهو تصحيف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق